ومنها ما عن العضدي كما في الرسائل (١) : إن معنى استصحاب الحال ، أن الحكم الفلاني قد كان ولم يظن عدمه ، وكلما كان كذلك فهو مظنون البقاء.
ولا يخفى عليك أن الاستصحاب عنده ، حيث أنه الظن ببقاء الحكم مثلا - والتفاوت بينه وبين كون الحكم مظنون البقاء اعتباريا - فالقياس المزبور إستدلال على الاستصحاب بلحاظ نتيجة البرهان ، لا أن الصغرى أو الكبرى استصحاب عنده حتى يردد الأمر بينهما ، فيقال (٢) - على الأول - بتوافقه مع تعريف المحقق القمي « ره » :
« بكون الشيء متيقن الحصول مشكوك البقاء » ، - وعلى الثاني - بمطابقته مع تعريف المشهور بارادة الحكم بالبقاء ظنا من الابقاء - الذي عرف به الاستصحاب - في كلمات المشهور من الأصحاب.
ولا يمكن جعل الصغرى حدّا من باب « مبدأ البرهان » ، وجعل الكبرى من باب « نتيجة البرهان » ، لأن مبدأ البرهان هو الحد الأوسط ، وهو ثبوته الخاص ، لا الصغرى.
ونتيجة البرهان محمول الكبرى ، وهو الأكبر ، لا الكبرى.
فان الكبرى متضمنة للملازمة بين الثبوت وكونه مظنونا من حيث البقاء ، لا أنها عين كونه مظنون البقاء ، فلا الصغرى توافق كلام المحقق القمي « ره » ، ولا الكبرى تطابق تعريف المشهور.
وأما ما عن شيخنا الاستاد « قده » (٣) : من أن الكبرى هو الاذعان بانه مظنون البقاء ، والاستصحاب هو نفس الظن بالبقاء - وهو غير الايراد بان الاستصحاب ليس كون الحكم مظنون البقاء ، بل نفس الظن ببقاء الحكم ، (٤) لكي يندفع بأن التفاوت بين الظن والمظنون اعتباري -.
ففيه مسامحة من وجهين :
أحدهما - إن الكبرى هي الملازمة بين الثبوت وكون الحكم مظنون البقاء ، لا كون الحكم مظنون البقاء ، فانه الأكبر باعتبار ، ونتيجة القياس باعتبار آخر.
__________________
(١) الرّسائل : ٣١٨.
(٢) القائل هو الشيخ « ره » في رسائله في تعريف الاستصحاب : ص ٣١٨ ، وما ذكره المحقق القمي « ره » ففي المجلد الثاني من القوانين في تعريف الاستصحاب.
(٣) راجع تعليقته « ره » . على فرائد الاصول : ص ١٧٢.
(٤) فان المستفاد من الكبرى عند المحقق الخراساني « ره » هو الاذعان بان الحكم مظنون البقاء ، وعند غيره هو كون الحكم مظنون البقاء ، وإن اتفقا في أن الاستصحاب هو نفس الظن بالبقاء.