(قدس سره) في رسالة التعادل والترجيح (١) ، حيث ألحقه بمقطوع الأهمية ، فهو راجع إلى ما ذكرناه سابقا : من أن الخبرين متساويان في جميع الاحتمالات الموجبة للتمانع في الفعلية ، ويختص الراجح بما ليس في المرجوح ، فمحتمل الأهمية يحتمل أن يكون مانعا بالخصوص عن فعلية الحكم في غيره ، ولا يحتمل غيره أن يكون بالخصوص مانعا عن فعلية الطلب في محتمل الأهمية.

لكنك قد عرفت سابقا : (٢) إن عدم احتمال مانعية غير محتمل الأهمية بالخصوص لا يجدي ، لأن احتمال مانعيته المشتركة بينه وبين محتمل الأهمية كاف في التمانع ، لأن المفروض احتمال الأهمية ، فيحتمل عدمها أيضا ، غاية الأمر : إنه في صورة العلم - بعدم الأهمية - يقطع بعدم الفعلية التعيينية ، وفي صورة احتمال عدمها يحتمل عدم الفعلية ، فلا قطع بالفعلية التعيينية على أي حال.

والتحقيق : إن الحكم على الموضوعية في كل من الخبرين - كما مر - تعييني بذاته ، وإنما يكون تعيينيا - بالفعل - في صورة قوة الملاك ، فان أمكن جعل حكم تعييني - فعلا - على طبق الأهم ، جرى حديث الشك في جعل حكم تعييني من الشارع حينئذ ، فمقتضى أدلة البراءة الشرعية رفعه.

وإن لم يمكن جعل حكم تعييني ، مع وجود الحكم الحقيقي ، الذي هو في حد ذاته تعييني ، ولا يعقل تصرف من الشارع ، بعد صدور حقيقة الحكم منه ، باخراجه من حد إلى حد ، بل معنى فعلية التعيينية - الذاتية - حكم العقل بامتثال أحد الطرفين بالخصوص ، فانه الذي يصح انتزاع البعث الفعلي منه ، دون غيره ، فحينئذ لا يحتمل - في محتمل الأهمية - جعل شرعي يقبل للرفع.

كما أنه لا معنى لإجراء البراءة العقلية ، التي مقتضاها عدم العقاب على التكليف الذي لا حجة عليه ، فانه لا يحتمل تكليف ، ليكون العقاب عليه عقابا بلا بيان للتكليف ، بل حكم العقل بعدم العقاب عليه - بالخصوص - من باب حكم العقل النظري ، لا من باب حكم العقل العملي ، فان العقاب على مخالفة أحدهما بالخصوص عقاب بلا موجب ، لا عقاب بلا بيان.

وعليه ، فلا يستتبع إحتمال الأهمية احتمال حكم شرعي ، ولا خصوصية شرعية

__________________

(١) الرسائل : ص ٤٤٣.

(٢) التعليقة ١٥.

۴۳۰۱