أحدهما : لزوم الدور من تخصيص العام بشموله للشك المسببي.

وثانيهما : لزوم معيّة الحكم للشك المسببي في المرتبة ، بخلاف الشك السببي ، فانه مع فرض شمول الحكم للشك السببي لا يلزم معيته للشك السببي ، بل تأخره عنه محفوظ ، فشمول الحكم للشك المسببي ممنوع من وجهين مختصين به ، بخلاف شموله للشك السببي ، فانه خال عن محذور الدور ، وعن محذور عدم تأخر الحكم عن موضوعه.

هذا - ولبعض أجلة العصر (١) تقريب آخر في تقديم الأصل السببي على الأصل المسببي ، غير دوران الأمر بين التخصص والتخصيص المحال ، وهو أن الشك المسببي متأخر طبعا عن الشك السببي ، لأنه معلوله ، ففي رتبة وجود الشك السببي لا وجود للشك المسببي ، وإنما هو في رتبة حكمه ، فاذا لم يكن في رتبة الشك السببي مانع عن ترتب حكمه عليه ، فلا محالة يترتب عليه حكمه ، فلم يبق للشك المسببي موضوع.

والفرق بين هذا التقريب وما تقدم عن الشيخ الأعظم (قدس سره) أن المانع في التقريب المتقدم معية الحكم مع الشك المسببي في المرتبة ، مع أن اللازم تأخره عنه ، والمانع في هذا التقريب عدم صلاحية الشك المسببي للمعارضة ؛ إذ لا ثبوت له في مرتبة الشك السببي ، وبعد ثبوت الحكم للشك السببي يستحيل شمول الحكم للشك المسببي ، لا لعدم الموضوع ، كما هو ظاهر التقريب ، فانه لا يتكفل ارتفاع الموضوع حقيقة أو عنوانا ، بل لأن أحد المتمانعين إذا وقع يستحيل وقوع الآخر لفرض التمانع.

ويرد على هذا التقريب أولا ما تقدم (٢) من عدم معلولية الشك المسببي للشك السببي ، لا بوجودهما العنواني ، ولا بوجودهما الخارجي.

وثانيا - إن الفرض ، إن كان التمانع في مرحلة جعل الحكم ، ففيه إن الموضوع في مرحلة الجعل هو الشك بوجوده العنواني ، وعدم المعلولية في مرحلة وجوده العنواني مسلم ؛ إذ توهم المعلولية إنما هو في وجود الشك المسببي خارجا لا عنوانا.

وإن كان التمانع في مرحلة فعلية الحكم بفعلية الشك خارجا ، فالعلية - وإن فرضت - لا توجب إلاّ تقدم العلة على المعلول طبعا وذاتا ، لا وجودا ، لما مر منا مرارا : إن التقدم والتأخر الطبعيين لا ينافي المعية في الوجود الخارجي ، بل لا ينافي اتحاد المتقدم والمتأخر طبعا في الوجود الخارجي. وملاك التمانع والتزاحم هي المعيّة الوجودية الخارجية ، لا المعية الطبعية الذاتية ، ومع المعية الوجودية بين الشكين خارجا يتحقق

__________________

(١) هو المحقق الحائري « قده » في درره : ج ٢٥٨ : ٢.

(٢) في الايراد على تقريب الشيخ « قده » في نفس هذه التعليقة.

۴۳۰۱