تكون الحكمة الداعية لهم التحفظ على المقتضيات الواقعية ، المتعلقة بها الأغراض العقلائية.
(١١) قوله قدس سره : وثانيا : سلمنا ذلك لكنه لم يعلم ان الشارع... الخ (١) .
لا يخفى عليك أن كلماته (قده) - في هذه المسألة في تعليقته المباركة ، وفي مبحث خبر الواحد من الكتاب ، وفي هامشه هناك ، وفي هذا المبحث من الكتاب - مختلفة.
ففي تعليقته (٢) قدم السيرة على العمومات ، نظرا إلى استحالة رادعية العمومات عن السيرة.
وفي مبحث خبر الواحد (٣) أيضا قدم السيرة مع الالتزام بالدور من الطرفين (٤) على وجه دون وجه (٥) .
وفي هامش المبحث المزبور (٦) التزم بحجية الخبر ، لاستصحاب حجيته الثابتة قبل نزول الآيات ، بعد دوران الأمر بين الردع والتخصيص.
وفي هذا الموضع قدم الآيات الناهية ، وادعى كفايتها في الرادعية ، وقد قدمنا شطرا وافيا من الكلام في مبحث حجية الخبر (٧) ، وذكرنا أن اللازم - في حجية السيرة
__________________
(١) الكفاية ٢٨٠ : ٢.
(٢) ص ٧١ : في بيان الدليل الرابع على حجية الخبر الواحد.
(٣) الكفاية ٩٩ : ٢.
(٤) من طرف ردع الآيات عن السيرة ، وطرف تخصيصها بالسيرة.
(٥) اي على وجه كفاية عدم ثبوت الردع في حجية السيرة ، دون وجه لزوم احراز عدم الردع.
(٦) قال « قده » في هامش الكفاية ( قولنا « فافهم وتأمل » اشارة الى كون خبر الثقة متبعا ولو قيل بسقوط كل من السيرة والاطلاق عن الاعتبار بسبب دوران الامر بين ردعها به وتقييده بها ، وذلك لاجل استصحاب حجيته الثابتة قبل نزول الآيتين.
فان قلت : لا مجال لاحتمال التقييد بها ، فان دليل اعتبارها مغيّى بعدم الردع عنها ومعه لا تكون صالحة لتقييد الاطلاق مع صلاحيته للردع عنها كما لا يخفى. قلت الدليل ليس إلاّ إمضاء الشارع لها ورضاه بها المستكشف بعدم ردعه عنها في زمان مع امكانه وهو غير مغيّى.
نعم يمكن ان يكون له واقعا وفي علمه تعالى أمد خاص كحكمه الأبتدائي ، حيث انه ربما يكون له أمد فينسخ ، فالردع في الحكم الامضائي ليس الاّ كالنسخ في الأبتدائي ، وذلك غير كونه بحسب الدليل مغيّى كما لا يخفى.
وبالجملة : ليس حال السيرة مع الآيات الناهية الاّ كحال الخاص المقدم والعام المؤخر في دوران الأمر بين التخصيص بالخاص أو النسخ بالعام ففيهما يدور الأمر ايضا بين التخصيص بالسيرة أو الردع بالآيات. فافهم ) راجع حقائق الاصول : ج ١٣٩ : ٢.
(٧) ج ٢ : التعليقة : ١١٦.