واجاب عنه شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) (١) بحكومة استصحاب الحرمة التعليقية على استصحاب الحلية ، نظرا إلى أن الشك - في الحلية الفعلية - مسبب عن الشك في شمول الحرمة المجعولة لما إذا تبدلت العنبية بالزبيبية ، وليس الشك في شمولها مسببا عن الشك في الحلية الفعلية ، بل ملازم له.
وفيه : إن الحلية الفعلية قبل الغليان ، مع الحرمة المعلقة على الغليان غير متنافيتين ، وفعلية الحرمة بعد الغليان - وهي لازم الحرمة المعلقة على الغليان عقلا - منافية للحلية الفعلية بعد الغليان بنحو التضاد ، فيكون ثبوت كل منهما لازما لعدم الآخر عقلا ، كما في كل متضادين
فليس عدم الحلية مرتبا - شرعا - على فعلية الحرمة بالغليان ، لتكون حكومة للأصل في الحرمة التعليقية - البالغة مرتبة الفعلية بفعلية شرطها - على الأصل في الحلية الفعلية ، ولا مرتبا عقلا عليها أيضا ؛ لما حقق - في محله - من عدم المقدمية لوجود الضد بالنسبة إلى عدم ضده ، ولا لعدمه بالنسبة إلى وجود ضده.
ومنه يعلم أن تقريب الحكومة مع عدم الترتب الشرعي ، كما عن شيخنا الاستاذ (قدس سره) (٢) بدعوى أنه من قبيل اللازم الأعم للواقع والظاهر ، فالتعبد بالحرمة التعليقية كاف في رفع الشك حقيقة عن ارتفاع الحلية الفعلية ، من دون حاجة إلى التعبد بارتفاعها.
مخدوش : بأنه لا ترتب عقلا أيضا ، بل مجرد التلازم ، فكل من التعبد الاستصحابي - بالحرمة التعليقية وبالحلية الفعلية - كاف في تحقيق ما يلازم - حقيقة - لارتفاع الآخر ، فلا اختصاص للحكومة بهذا المعنى باستصحاب الحرمة التعليقية.
وأما دعوى (٣) : إن مجرد الشك السببي - وتقدمه الطبعي على الشك المسببي - كاف في تقديمه فسيأتي الكلام (٤) فيه صغرى وكبرى ، وأنه لا تقدم طبعا للشك السببي ، ولا يجدي على فرض ثبوته.
__________________
(١) الرسائل : التنبيه الرابع ، ص ٣٨٠.
(٢) راجع تعليقته المباركة على الرسائل : ٢٠٨ - ٢٠٩ : ذيل قول الشيخ « قده » ( لحكومة استصحاب الحرمة على تقدير الغليان ) .
(٣) راجع درر الاصول : ج ٢٥٨ : ٢.
(٤) ياتي في التعليقة : ١٢١ ذيل قول الماتن « قده » « فان الاستصحاب في طرف المسبب الخ » .