بالذات يقينا ، قد ارتفع يقينا.
ووجود آخر بالعرض لموجود آخر بالذات مشكوك الحدوث من الأول. وليس للواحد النوعي وجود بالذات ، ولا وجود بنحو الوحدة بالعرض - مع تعدد ما بالذات - إلا على إصالة الماهية ، أو وجود الكلي بوجود واحد عددي ، يكون بوحدته معروضا لتعينات متباينة ، كما حكاه الشيخ الرئيس عن بعض (١) .
وما ذكرناه هو الفارق بين القسم الثاني ، المتقدم في الحاشية المتقدمة ، وهذا القسم الثالث المبحوث عنه ، فان المقطوع هناك وجود واحد من الكلي بالعرض ، من دون تعين تفصيلي لما بالذات ، ومثله مشكوك البقاء ، إذ القطع بارتفاع الحصة المعينة لا يوجب القطع بزوال الوجود الواحد ، المضاف إلى الكلي ، الذي لا يتعين مطابقه.
بخلاف هذا القسم ، فان الوجود المضاف إلى الكلي بالعرض ، لمكان تعين الموجود بالذات ، مرتفع قطعا ، وغيره مشكوك الحدوث ، إما من حين حدوث المقطوع ، أو من حين ارتفاعه. فتدبره فانه حقيق به.
نعم هنا تقريبان آخران لاستصحاب الكلي في هذا القسم :
أحدهما - ما عن بعض أجلة العصر (٢) ، وهو استصحاب صرف الوجود ، بمعنى ناقض العدم المطلق ، وطارد العدم الكلي ، فانه بمجرد انتقاض العدم الكلي يكون الانتقاض باقيا إلى أن ينعدم جميع الوجودات ، حتى يرجع الأمر إلى ما كان من العدم المطلق.
وهذا الانتقاض لا شك في حدوثه إلا مع سبق العدم المطلق ، وإلا فمع انتقاض العدم يكون الشك دائما في بقائه ، والحكم إذا كان مرتبا على وجود الطبيعي في قبال عدمه ، مع قطع النظر عن تعيناته يكون المراد به هذا النحو من الوجود المعبر عنه بالوجود اللابشرط ، والوجود السعي.
والجواب - إن الوجود المضاف إلى شيء بديل لعدمه ، وطارد له ، بحسب ما أخذ في متعلقه من القيود ، فناقض العدم المطلق مفهوم لا مطابق له في الخارج ، وأول الوجودات ناقض للعدم البديل له والقائم مقامه.
وما يرى من أن عدم مثله يوجب بقاء العدم كلية - على حاله - ليس من جهة كونه ناقضا للعدم المطلق ، بل لأن عدم أول الوجودات يلازم عدم ثاني الوجودات ، وثالثها إلى
__________________
(١) وهو الرجل الهمداني ، راجع رسائل ابن سينا : ٤٦٢ - ٤٧٩.
(٢) هو المحقق الحائري « قده » ، راجع درر الاصول ١٧٥ : ٢.