ولا بمجيء نبي لا حق. بل بمجيء نبي صاحب شريعة ، فليس بقاء شريعته من آثار بقاء نبوته ، كي يترتب على استصحاب نبوته.

وإن كانت النبوة من المناصب المجعولة ، بمعنى أن موضوع وجوب الاعتقاد هذا المعنى ، لا كونه ذا صفة كذائية ، وإن كان كذلك ، وكان هو المخصص لاعتبار هذا المنصب له من بين سائر العباد.

فتحقيق الحال فيها إن النبوة القابلة للاعتبار هي النبوة بالمعنى الفاعلي ، لا المعنى المفعولي ، فان كونه ممن أنبأه الله - تعالى - بمعارفه وأحكامه واقعي لا اعتباري.

نعم جعله مخبرا ومبلغا عن الله تعالى وسفيرا - تشريعا - إلى خلقه قابل للاعتبار ، فله منصب المبلغية ، والمخبرية ، والسفارة ، وإن كان لم يبلّغ احدا بعده.

والنبوة بهذا المعنى تفارق الرسالة بالاعتبار ، فان كونه مبعوثا من قبله تعالى ، لكونه مبلغا عنه لا عينه ، إلا أن النبوة بهذا المعنى تختص بمن أعدّ لتبليغ الأحكام الاصولية والفرعية.

مع أن من انبياء السلف ( سلام الله عليهم ) من لم يكن كذلك ، ويجب الاعتقاد بنوبة جميع الانبياء دون من أعد للتبليغ.

ثم من الواضح أن النبوة المجعولة تزول بالموت ، إذ لا معنى لاعتبار المبلغية والسفارة للميت بحسب العادة ، إلا أن حالها حال النبوة غير المجعولة في أن التعبد بنبوته فعلا - للشك في زوالها بالموت - لا يترتب عليه إلا وجوب الاعتقاد بنبوته ، وأما التصديق فيما أتى به ، فيجتمع مع القطع بزوالها فعلا ، كما أن بقاء شريعته يجامع القطع بموته ، بل القطع بمجيء نبي لا حق.

نعم التعبد ببقاء هذا المنصب المجعول - عند الشك في حياته ومجيء نبي صاحب شريعة - ملازم لبقاء شريعته ، وعدم نسخها بشريعة أخرى ، إذ اعتبار المبلغية للاحكام بالاضافة إلى كافة الأنام ، كما هو شأن من كان صاحب شريعة مع مجيء صاحب شريعة كذلك لغو ، فالتعبد بمبلغية مثل هذا النبي ملازم عادة لبقاء شريعته وعدم مجيء صاحب شريعة أخرى. فتدبر.

(١٠٨) قوله قدس سره : لا موقع لتشبث الكتابي باستصحاب نبوة... الخ (١)

بيانه : إن تمسك الكتابي بالاستصحاب ، تارة - من باب الزام المسلم وأخرى

__________________

(١) الكفاية ٣٤٠ : ٢.

۴۳۰۱