عن الشيء الذي لا يعلمونه ، فاذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عند أنفسهم ليلتبسوا على الناس... ) الخبر (١) .

ومثله رواية علي بن اسباط قال : قلت للرضا عليه السلام : يحدث الأمر لا أجد بدّا من معرفته ، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك‌ ؟ قال : فقال عليه السلام : إئت فقيه البلد ، فاستفته من أمرك ، فاذا افتاك بشيء من أمرك ، فخذ بخلافه ، فان الحق فيه (٢) .

ومثله أيضا رواية عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام ، قال عليه السلام : ما سمعت مني يشبه قول الناس ، فيه التقية ، وما سمعت مني لا يشبه قول الناس ، فلا تقيه فيه (٣) .

ومن البين أنه لم يفرض في هذه الموارد خبر ، فضلا عن التعارض ، فيعلم منها طرح الموافق ، وإن كان وحده.

ومورد الترجيح ما إذا كان الخبر بحيث لو لم يكن له معارض لكان حجة.

والتحقيق : إن رواية عبيد بن زرارة موردها ما يكون الصادر عن الامام عليه السّلام موافقا لما تفرد به العامة ، وما اتخذوه طريقة وشعارا لهم ، فيكون نظير رواية نضر الخثعمي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول عليه السلام : من عرف أنّا لا نقول إلاّ حقا ، فليكتف بما يعلم منا ، فان سمع منا خلاف ما يعلم ، فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه (٤) .

ومن الواضح : إن مورد الاولى كالثانية فرض فيهما تفرد العامة بشيء ، وأن ما عند الخاصة غيره ، وفي مثله لا ريب في عدم حجية الخبر الموافق.

وأما رواية الأرجاني ، فلا تعرض فيها لصورة التعارض وغيرها ، فلا تأبى عن الحمل على ما يساوق المقبولة الظاهرة في الترجيح ، بتقريب :

إن العامة وان كانوا يشتركون مع الخاصة أحيانا ، إلا أنهم غالبا على الضد منهم ، فكونهم كذلك أمارة غالبية تعبدية على أن ما هم عليه خلاف الواقع. ففي ما إذا كان هناك خبران متساويان في أصل ملاك الحجية - صدورا وظهورا وجهة - يكون الموافق منهما مشتملا على ما يوجب ضعف الملاك ، والمخالف مشتملا على ما يوجب قوته ، وهذا

__________________

(١) الوسائل ٨٣ : ١٨ : حديث ٢٤.

(٢) الوسائل ٨٣ : ١٨ : حديث ٢٣.

(٣) الوسائل ٨٨ : ١٨ : حديث ٤٦.

(٤) الوسائل ٧٦ : ١٨ : باب ٩ من أبواب صفات القاضي : حديث ٣.

۴۳۰۱