واقعا ؟ ونظر العرف طريق إليه‌ ؟ فيكون خطاب ( لا تنقض ) حينئذ تصويبا لنظر العرف‌ ؟ أو المراد هو النقض العرفي بما هو كذلك‌ ؟ بحيث يكون نظر العرف مقوما لموضوع الخطاب‌ ؟

والظاهر هو الثاني ؛ إذ لا معنى لتصويب النظر الذي على خلافه العقل والنقل على الفرض ، بخلاف ما إذا فرض ثبوت المصلحة في تحريم ما هو نقض عرفا ، وايجاب ما هو ابقاء عرفا عنوانا وجعل الحكم المماثل لذات الموضوع لبّا.

إذا عرفت ما قدمناه في المقامات المذكورة ، فاعلم أن النقض حيث أنه حقيقي - على أي حال - فلا مجال لتعيين النقض عقلا بتخيل أنه النقض الحقيقي الواقعي ، كما أن النقض المحرم - على أي حال - نقض اليقين بالحكم الشرعي ، فلا يتعين النقض الدليلي ، بتوهم أن تحريم النقض من الشارع يقتضي تحريم ما هو نقض بنظره على حسب ما يساعده الادلة الصادرة منه - في مقام تعيين موضوع حكمه - وذلك لما مرّ من اليقين بالحكم الشرعي الواقعي على أي تقدير ، غاية الأمر : إن طريق هذا الحكم الشرعي الثابت لموضوعه مختلف ، وصدور الخطاب من الشارع - بما هو شارع - لا يقتضي إلا تحريم نقض اليقين - بما هو أمر شرعي - كما أنه لا مجال لدعوى الاطلاق من حيث العقلية ، والدليلية والعرفية ، فانه إنما يصح إذا لم يكن معين لأحد الاعتبارات.

وحينئذ نقول : كما أن حجية الظاهر عند الشارع تستفاد من كونه في مقام محاوراته وإفهامه لمراداته كأحد أهل العرف ، فكذلك إذا كان للظاهر مصاديق ومطابقات كلها من أفراده حقيقة ، وكان بعض مصاديقه مصداقا له بنظر العرف. فان الشارع من حيث مخاطبته مع العرف كأحدهم ، فكما يكون المراد الجدي من مصاديق النقض ما هو مصداق عندهم ، إذا ألقي هذا الكلام من بعضهم إلى بعض ، كذلك إذا ألقي من الشارع إليهم ، فان إرادة غيره منهم تحتاج الى نصب ما يدل على تعيينه ، دون ما هو متعين عندهم ، وقد مرّ سابقا أنه لا مسامحة هنا ، لا في تحديد مفهوم النقض ، ولا في تطبيقه على مصاديقه ، بل في آمر آخر ، وهو تحديد موضوع الحكم الواقعي.

[ وجه تقديم الامارة على الاستصحاب ]

(١١٥) قوله قدس سره : والتحقيق انه للورود فان رفع اليد... الخ (١)

تحقيق الحال : إن الامارة إمّا أن تكون حجة من باب الموضوعية والسببية ، وإما أن

__________________

(١) الكفاية ٣٥٠ : ٢.

۴۳۰۱