إذا دل الدليلان على وجوب الظهر ، ووجوب الجمعة ، وعلمنا من الخارج بعدم وجوب كليهما ؛ فان جهة المنافاة منحصرة في وجوب كل منهما وعدمه ، أو إذا علمنا من الخارج بأن إحداهما واجبة ، والأخرى محرمة ، فان كلاّ من الدليلين ، الدالين على وجوبهما يدل على حرمة الآخر بالالتزام ؛ وجهة المنافاة بالتبع - وهي المنافاة بنحو التضاد - هي اللازمة مراعاتها بالجمع أو الترجيح ، أو التخيير ، فتدبر جيدا.

وأما التنافي من حيث الدليلية والحجية ، فتوضيح الحال فيه : إن الحجية في كل من الطرفين وصف ثبوتي ، فلا تنافي من حيث التناقض ، ومتعلقهما - إذا كان فعلين متضادين بالذات أو بالعرض - متعدد ، فلا تنافي من حيث التضاد ، فكيف يتصور التنافي من حيث المناقضة ، أو المضادة في الدليلية والحجية.

والجواب : أما إذا كانت الحجية بمعنى جعل الحكم المماثل ، فالحكم المجعول في كل طرف - على طبق مدلوله المنافي لمدلول الآخر - بالمناقضة أو المضادة.

وأما إذا كانت بمعنى المنجزية والمعذرية ، ففي مورد قيام الخبرين على وجوب شيء وعدمه ، من حيث كونهما صفتين - قائمتين بالخبرين - غير متنافيتين بالذات بنحو التناقض ، ولا بنحو التضاد ، لكونهما ثبوتيين ، ولتعدد موضوعهما ، إلا أنه بلحاظ مضايفهما - وهو تنجز الحكم والمعذورية عنه ثبوتيان قائمان بحكم واحد ، متعلق بفعل واحد - متضادان.

وبلحاظ استحقاق العقاب - على الترك مثلا ، وعدم الاستحقاق عليه - متناقضان.

وفي مورد قيام الخبرين - على وجوب شيء وحرمته - وصفان متماثلان.

لكنه لتعدد موضوعهما غير داخلين فيما يمتنع اجتماعهما.

وبلحاظ تنجز الحكمين الواردين على موضوع واحد متنافيان بتنافي التضاد بالعرض.

كما أنه بلحاظ استحقاق العقاب على الفعل والترك متضادان بالعرض ، لأنه لازم تعلق الوجوب والحرمة بفعل واحد ، ولازم المحال محال.

[٣] قوله قدس سره : وعليه فلا تعارض بينهما بمجرد تنافي مدلولهما... الخ (١)

ظاهره عدم المعارضة في مرحلة الدلالة مع المنافاة بين المدلولين. مع أن الدال - بما هو دال - بملاحظة فنائه في مدلوله يوصف بوصفه بالعرض ، فيستحيل منافاة المدلولين ،

__________________

(١) الكفاية ٣٧٦ : ٢.

۴۳۰۱