الترجيح بالصفات. ومنها : الترجيح بالشهرة. ومنها : الترجيح بموافقة الكتاب. ومنها :

الترجيح بمخالفة العامة.

والأخبار العلاجية أيضا مختلفة من حيث استجماعها لجملة من المرجحات ، والاقتصار على بعضها.

فنقول : أما الترجيح بالأحدثية ، فظاهر بعض أخباره عدم ارتباطه بترجيح أحد الخبرين على الآخر ، كما في رواية الكناني عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : أرأيت لو حدثتك بحديث ، أو افتيتك بفتيا ( ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه ، فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك ، أو أفتيتك ، بأيهما كنت تأخذ ؟ قلت بأحدثهما ، وأدع الآخر ، فقال : قد أصبت يا أبا عمرو ، أبى الله إلا أن يعبد سرّا ، والله لئن فعلتم ذلك إنّه لخير لي ولكم ، أبي الله عزّ وجلّ لنا في دينه إلا التقية ) (١) ومثله رواية أخرى (٢) .

ومن البين أنه لا ربط له بترجيح أحد الخبرين على الآخر لعامة المكلفين ، بل لأنّ من القي إليه الكلام الأخير حكمه الفعلي ذلك ، سواء كان واقعيا أو ظاهريا من باب التقية.

وهذا وجه تحسين الامام عليه السّلام له ، لا أنّ الأخير كاشف عن ورود السابق مورد التقية ، حتى يشكل : بأنه لعل الأخير صدر تقية ، كما حكي عن شيخنا العلامة الأنصاري (قده) في كلام بعض أجلاء تلامذته (قده) . (٣)

نعم بعض أخباره الآخر يؤمي إلى كونه من المرجحات ، كما في رواية المعلى بن خنيس ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : إذا جاء حديث عن أولكم ، وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ ؟ فقال : خذوا به ، حتى يبلغكم عن الحي ، فان بلغكم عن الحي فخذوا بقوله ، قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السّلام : إنا والله لا ندخلكم إلا في ما يسعكم (٤) .

وهي أيضا بقرينة امتداد الحكم إلى أن يبلغ عن الحي ظاهر في أن الحكم الفعلي ايّا ما كان هو الثاني ، إلى أن ينكشف حاله ، لا أن وظيفة عامة المكلفين ذلك ، ولو في غير زمان الحضور - الذي يتفاوت حال الأئمة عليهم السّلام وشيعتهم ، من حيث الاتقاء من الاعداء -.

__________________

(١) الوسائل ٧٩ : ١٨ : باب ٩ من أبواب صفات القاضي : حديث ١٧.

(٢) الوسائل ٧٧ : ١٨ : باب ٩ من أبواب صفات القاضي : حديث ٧ وهي مرسلة الحسين بن المختار.

(٣) هو العلامة الآشتياني. انظر الجزء الرابع من كتابه « بحر الفوائد » : ذيل الصفحة ٤٦.

(٤) الوسائل ٧٨ : ١٨ : باب ٩ من أبواب صفات القاضي : حديث ٨.

۴۳۰۱