حيث نفسهما ، لكنه يوصف الدالان بوصف المدلول - بالحمل الشايع - بالعرض ، لما بينهما من الاتحاد جعلا واعتبارا ، فتنافي المدلولين واسطة في عروض التنافي على الدالين ، لا واسطة في الثبوت.

فالتعارض : ان كان عبارة عن التنافي في الوجود ، فهو - حقيقة وبالذات - لا يعقل إلا في المدلولين ، أو في الدليلين بما هما دليلان وحجتان ، لا في الدالين بما هما كاشفان نوعيان ، فلا تعارض حقيقة في مرحلة الدلالة ومقام الاثبات وإن كان التعارض أخص.

من مطلق التنافي - نظرا إلى أنه لا يوصف الوجوب والحرمة بأنهما متعارضان ، وإن وصفا بأنهما متنافيان ، وكذلك الحجية لا توصف بالمعارضة ، وإن وصفت بالمنافاة ، بل يوصف ما دل على الوجوب ، وما دل على عدمه - مثلا - بالمعارضة ، فيقال : تعارض الخبران ، لا تعارض الحكمان - فالتعارض حينئذ من أوصاف الدال بما هو دال - بالذات - لا بالعرض ؛ إذ لا بد من انتهاء ما بالعرض إلى ما بالذات ، والمفروض أنه لا يوصف المدلول بذاته بالمعارضة ، بل بالمنافاة وشبهها.

فحقيقة معارضة الخبرين كون أحدهما دالاّ على ما ينافي ما يدل عليه الآخر ، ولا منافاة بين أن يكون تنافي الدالين بالعرض ، وتعارضهما بالذات.

وهذا هو الصحيح الموافق للإطلاقات العرفية ، فيصح ما أفاده (قدس سره) من كون التعارض بلحاظ مقام الاثبات ومرحلة الدلالة ، خصوصا إذا كان التعارض من العرض بمعنى الاظهار ؛ فان الدالين المتنافيين لكل منهما ثبوت ، ويظهر كلّ منهما نفسه على الآخر ، بخلاف المدلولين ، فانه لا ثبوت إلا لأحدهما ، فلا معنى لإظهار كل منهما نفسه على صاحبه.

وسيأتي إن شاء الله تعالى ثمرة كون التعارض - حقيقة - من أوصاف الدال ، أو من أوصاف المدلول.

[٢] قوله قدس سره : على وجه التناقض أو التضاد... الخ (١)

ربما يتخيل (٢) إن استحالة الاجتماع في المتضادين لأولهما إلى المتناقضين ؛ لأن لازم ثبوت كل منهما عدم الآخر ، وإنّ اعتبار وحدة الموضوع فيهما ، لرجوعهما إلى المتناقضين ، المعتبر فيهما الوحدات الثمانية ، مدعيا تصحيح كلام الشيخ الأعظم (قدس سره) حيث

__________________

(١) الكفاية ٣٧٦ : ٢.

(٢) بحر الفوائد للمحقق الاشتياني : ج ٤ : ص ٣.

۴۳۰۱