إلى نفس الفعل وإن كان ترجيحا بلا مرجح ، إلا أنه بالاضافة إلى إرادته ترجح بلا مرجح فعلم مما ذكرنا : أن محل النزاع هو الفعل الارادي ، الخالي عن مطلق الغاية والغرض ، لا الخالي عن الغرض العقلائي ، فانه لم يقع نزاع في إمكانه. كما علم أن القبح بأيّ نظر ، وأن الامتناع بأيّ لحاظ ، فانه قبيح بالنظر إلى خلوّه عن الحكمة والمصلحة ، وممتنع بالنظر الى حدوث الارادة بلا موجب. غاية الأمر إن الموجب في إرادته تعالى منحصر في الحكمة والمصلحة ، لا مطلق الغرض.

كما علم أنه لا فرق بين التكوين والتشريع في شيء من الامتناع والقبح ، وإن كان ظاهر شيخنا العلامة الأنصاري (قده) اختصاص الامتناع بمورد التكوين ، والقبح بمورد التشريع (١) ، مع أن كل تكوين وتشريع بلا غاية قبيح ، وكل إرادة بلا سبب محال ، ولك إرجاع كلامه إلى ما ذكرناه ، كما عن بعض أجلة تلامذته (٢) قدس سرهما.

وأما مسألة ترجيح المرجوح على الراجح ، فهي أجنبية عن مقاصد الحكماء والأشاعرة في تلك المسألة المتداولة ، إلاّ أنه يمكن فرضها قبيحا تارة ، وممتنعا أخرى.

فبالنظر إلى خلّو الفعل عن جهة مصححة - من حكمة ومصلحة - قبيح ، وبالنظر إلى حدوث الارادة - بلا سبب - ممتنع ، ويزيد على الترجيح بلا مرجح بان ترك الراجح مع وجود غاية مصححة قبيح اخر ، وتخلف الارادة عما يوجبها محال اخر.

وأما تطبيقها قبحا وامتناعا على ما نحن فيه فنقول :

بعد فرض اقوائية احد الخبرين فيما هو ملاك الحجية والمؤثر فيها ، وفرض التعبد بهذا الملاك دون ملاك اخر لئلا يلزم الخلف ، ان الداعيين المتماثلين أو المتضادين بالاضافة الى ارادة شيئين - غير ممكني الجمع - يستحيل تأثيرهما معا ، فاذا فرض ان احدهما اقوى فالتأثير للاقوى ، لأستحالة عدم تأثير الاقوى وتأثير الاضعف ، وحيث ان العدول عما هو اوفى بالغرض الى غيره مناف للحكمة فهو قبيح. فافهم واستقم.

[٣٢] قوله قدس سره : لكفاية أرادة المختار علة... الخ (٣)

مع إنبعاثها عن موجب ، وإلاّ كان قولا بالارادة الجزافية ، وقد عرفت استحالتها.

__________________

(١) راجع الرسائل : ١٤٦ : مبحث الانسداد في الرد على الفاضل النراقي.

(٢) هو المحقق الآشتياني في بحر الفوائد : ٢٤٥.

(٣) الكفاية ٣٩٦ : ٢.

۴۳۰۱