والسر فيما ذكرنا : أن الملازمة المعتبرة بين المعنيين - المصححة للانتقال - هي الملازمة بين المعنيين بذاتهما ، لا الملازمة الخارجية بحسب المورد ، حتى يتوهم استحالتها.
(٢٣) قوله قدس سره : فلا يكاد يجدي التصرف... الخ (١) .
فيه تعريض على الشيخ الاعظم (قده) في الرسائل (٢) كما صرح (قده) به في تعليقته المباركة (٣) إلا أن كلامه (قده) في الرسائل مسوق لمطلب آخر ، لا في مقام تخصيص استحالة النقض الحقيقي باليقين.
توضيحه : إن الشيخ (قده) - بعد ما ذكر أن النقض بالاضافة إلى ما من شأنه البقاء أقرب إلى معناه الحقيقي من إرادة رفع اليد عن الشيء مطلقا - ذكر توهم لزوم إرادة المتيقن من اليقين على المعنى الأول دون الثاني ، لأن المتيقن يختلف من حيث كونه من شأنه البقاء تارة ، وعدم كونه كذلك أخرى بخلاف اليقين ، فانه لا اختصاص له بشيء.
فدفعه بأن التصرف في اليقين بارادة المتيقن لازم على أي تقدير ؛ لاستحالة التكليف بابقائه ، لعدم كونه اختياريا.
وغرضه (قده) إن صرف اليقين عن ظاهره غير مستند إلى تعلقه بما من شأنه البقاء ، حتى يكون صرف ظهور اليقين مانعا عن إرادة النقض بالمعنى الأول ، لا أن استحالة التكليف بالابقاء الغير الاختياري ، وترك النقض الغير الاختياري مختصة بما إذا تعلق النقض باليقين. فتدبر.
(٢٤) قوله : لا يقال لا محيص عنه فان النهى عن النقض بحسب العمل الخ (٤)
توضيحه : إن مرجع النهي عن النقض إلى التعبد وجعل الحكم ، والتعبد بنفس صفة اليقين لا معنى له ، والتعبد - بحكمه وجعل الحكم المماثل لحكمه - غير مراد ؛ فانه وإن فرض ترتب حكم عليه شرعا ، كما فيما إذا كان اليقين موضوعيا ، إلا أن مورد الأخبار التعبد بالطهارة المتيقنة ، وحيث أن مفاد حرمة نقض اليقين التعبد بالمتيقن أو بحكمه (٥) ، فلابد من صرف اليقين عن ظاهره بارادة المتيقن منه.
__________________
(١) الكفاية ٢٨٧ : ٢.
(٢) الرسائل : ٣٣٦ : عند بيان حقيقة النقض.
(٣) ص ١٨٨.
(٤) الكفاية ٢٨٧ : ٢.
(٥) كما في الاستصحاب الموضوعي.