وسائط الفيض ومجاريه.
فان الفاعل - بمعنى ما منه الوجود تكوينا وتشريعا - هو الله تعالى ، وإن كان الفاعل - بمعنى ما به الوجود تكوينا وتشريعا - وسائط فيضه ومجاري أمره التكويني والتشريعي ، ولعله إليه ينظر قوله عليه السلام ( مجاري الأمور بيد العلماء بالله ) . (١)
وأخرى يراد بها القضاوة لشخص خاص أو الأمارة لشخص خاص كنصب الامام عليه السلام القضاة والولاة والحكام ، فان هذه كلها ، وإن كانت حقائقها اعتبارات ، لكنها لا دخل لها بالاحكام الكلية الالهية ، حتى تجعل من الاحكام الوضعية المبحوث عنها ،
ولعل ما في المتن يراد منها القضاوة والحكومة الكلية ، والنيابة الكلية المعدودة من المناصب المجعولة الالهية.
وأما الحجية ، فمختصر القول فيها : إن الحجية ، تارة بمعنى الوساطة في الاثبات ، واخرى بمعنى الوساطة في التنجز ، فجعل الحكم المماثل على طبق مؤدى الخبر ، بعنوان أنه الواقع يفيد وساطة الخبر لاثبات الواقع عنوانا ، فان وصول الحكم المماثل بالذات وصول الواقع عنوانا بالعرض. كما أن الانشاء بداعي تنجيز الواقع بالخبر يفيد وساطة الخبر لتنجز الواقع حقيقة ، فانشاء وجوب تصديق العادل على الأول مصحح لانتزاع الحجية ، بمعنى كون الخبر بحيث يثبت الواقع عنوانا ،
وعلى الثاني مصحح لانتزاع الحجية ، بمعنى كون الخبر بحيث ينجز الواقع عند مصادفته له حقيقة ، فكل من الحيثيتين - الموجودتين بقيام الخبر على حكم من الأحكام - مما ثبت للمتحيث بها بسبب الانشاء المزبور المنبعث ، تارة عن داعي جعل الداعي ، وأخرى عن داعي تنجيز الواقع ،
وأما جعل الحجية بالاستقلال ، لا بسبب الانشاء المزبور ، فمعقول على الوجه الثاني ، دون الأول ؛ لأن اعتبار منجزية الخبر للواقع حقيقة واظهاره بقوله : الخبر حجة عندي ، أ بقوله عليه السلام : ( فانهم حجتي عليكم ) (٢) ، أو بقوله عليه السلام : ( لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا ) (٣) لا مانع منه ، بخلاف اعتبار الهوهوية وأن
__________________
(١) المستدرك : الباب ١١ من ابواب صفات القاضي : الحديث ١٦.
(٢) الوسائل ١٨ : الباب ١١ من ابواب صفات القاضي : ص ١٠١ : الحديث ٩.
(٣) الوسائل ١٨ : الباب ١١ من ابواب صفات القاضي : ص ١٠٨ : الحديث ٤٠.