تنقيح البحث بالتكلم في مقامات :

منها - إن المعاني ربما تكون حقيقية لا تتفاوت بالقياس إلى شيء دون آخر - كجملة من الجواهر والاعراض - وربما تكون اضافية ، فتختلف بالقياس الى شيء دون اخر ، ومن هذه الجملة : الوحدة والاتحاد ، ويتبعهما النقض والابقاء.

فاذا فرض أن الموضوع ، له مراتب من الموضوعية - عقلا ونقلا وعرفا - فالموجود في الحالة الثانية ربما يكون متحدا مع الموجود في الحالة الاولى وربما لا يكون.

فاذا لوحظ الموضوع العرفي ، فالموجود لا حقا متحد مع الموجود سابقا. وإذا لوحظ الموضوع الدليلي كان مباينا معه ، كما أنه إذا لوحظ الموضوع الدليلي ، وكان موجودا في الحالة الثانية ، فالباقي واقعا عين الثابت سابقا بالاضافة إليه ، وغيره بالاضافة إلى الموضوع العقلي ، وعلى أي حال ففي مورد اتحاد السابق واللاحق - سواء كان بالاضافة الى الموضوع العرفي او بالنسبة الى الموضوع الدليلي يكون الابقاء والنقض حقيقيين ، فان المسامحة في جعل الموضوع جسم الكلب مثلا لا ينافي اتحاد الباقي والثابت اوّلا حقيقة ، فلا ينافي كون الجري على وفقه ابقاء حقيقة ، ولا رفع اليد عنه نقضا حقيقة.

ومنه يعلم أنه لا دخل له بمسألة الحقيقة الادعائية ، وأنه بعد البناء على أن الشيء من أفراد المفهوم يصدق المفهوم عليه حقيقة ، فانه إنما يكون من ذلك الباب إذا كان اتحاد الموضوع في القضية المتيقنة والقضية المشكوكة مسامحيا ، فان النقض حينئذ مسامحي بالدقة وحقيقي بالادعاء. وأما إذا كان الاتحاد حقيقيا ، والمسامحة في تحديد الموضوع - كما عرفت - فلا مجال للقياس المزبور أصلا ، فان جسم الكلب المأخوذ موضوعا بمسامحة العرف باق بعد زوال الحياة حقيقة ، لا مسامحة وهو واضح.

ومنها - إن للعرف نظرين : أحدهما - بما هو من أهل المحاورة ، ومن أهل فهم الكلام ، وبهذا النظر يحدد الموضوع الدليلي ويستفيده من الكلام ، فيرى أن الموضوع في قوله ( الماء المتغير نجس ) هو الماء المتغير - بما هو متغير -.

وثانيهما - بما ارتكز في ذهنه من المناسبة بين الحكم وموضوعه - على خلاف ما هو متفاهم الكلام - فيرى أن الموضوع - في المثال المزبور - ذات الماء ، وإن التغير واسطة في ثبوت النجاسة ، لما ارتكز في ذهنه من أن النجاسة من عوارض الماء ، لا من عوارض الماء والتغير ، وإن النجاسة من عوارض جسم الكلب ، لا من عوارض جسمه ونفسه الحيوانية ، وإن كان المفهوم من الكلب المجعول موضوعا في لسان الدليل هو الحيوان الخاص.

۴۳۰۱