دون عدم التكليف شرعا ، وهو لا يثبت عدم التكليف شرعا بعد البلوغ. (١)

فمدفوعة : بأنه لا موقع للاحرجية إلا قبل الشرع ، أو قبل إكمال الشريعة ، والعجب حمل كلام الشيخ - قدس سره - عليه فراجع.

وأما الثاني - فهو إن ظاهر الشيخ الأجل قدس سره في رسالة البراءة ، وصريحه في رسالة قاعدة نفي الضرر (٢) : إن عدم التكليف غير مجعول ، نظرا إلى أن العدم لا يحتاج إلى حكم ، وإن حكمه بعدم الوجوب أو عدم الحرمة ليس إنشاء منه ، بل اخبار حقيقة.

بل يمكن أن يقال : إن المجعول لا يكون إلا ما يصدر بالاختيار ، ولا مساس للقدرة ، ولا للارادة بطرف العدم ، لما بيناه في محله من أن القدرة جسمانية ونفسانية. فالاولى هي القوة المثبتة في العضلات المترتبة عليها الحركات الجسدانية. والثانية هي قوة النفس على الحركات الفكرية. والعدم لا ترتب له على شيء من القوتين ، والارادة هي المخرجة لما هو بالقوة - بالاضافة إلى القوتين - إلى مرحلة الفعلية ، والعدم بعدم الارادة.

والتحقيق : إن ابقاء عدم الوجوب ، أو عدم الحرمة - مثلا - باحد وجهين :

الأول إنشاء عدمهما إظهارا لبقاء عدمهما على حاله ، والانشاء خفيف المؤونة ، وقصد ثبوت مفهوم عدم الوجوب بقوله ( لا يجب ) إنشاء أمر معقول ، والانشاء بالاضافة إلى ما يدعو إليه ، ويترتب عليه : تارة - بنحو التحقيق والايجاد ، كالانشاء بداعي جعل الداعي ، فانه محقق الدعوة بالامكان ، وأخرى - بنحو الكشف والاظهار ، كالانشاء بداعي الارشاد ؛ فانه ليس جعلا للرشد ، بل لإظهار رشد العبد وخيره في ما تعلق به الانشاء.

فكذا في طرف عدم التكليف ، فانه حيث لا يعقل تحقيق عدم الدعوة بالانشاء ، فهو لاظهار بقاء عدم جعل الداعي على حاله ، ولا بد من حمل ( لا تنقض ) - الشامل لليقين بالوجوب ، وبعدمه - على الانشاء بالتقريب المزبور.

والثاني - إبقاء العدم على حاله ، بعدم جعل الداعي عن اختيار.

فان عدم الفعل : تارة - في حال الغفلة او عدم القدرة ، فالفعل في مثل هذه الحالة غير اختياري ، والترك على طبع الفعل. وأخرى - في حال الالتفات والقدرة على الفعل ، فابقاء العدم حينئذ - بعدم إعمال القدرة في ايجاده - عن شعور وإلتفات. والفعل

__________________

(١) راجع فوائد الاصول ، مبحث الاشتغال ، ج ٦٢ : ٤ - واجود التقريرات ، ج ١٩٠ : ٢.

(٢) الملحقة بكتاب المكاسب : التنبيه الثاني : ٣٧٣.

۴۳۰۱