ومنه تبين أن العام إذا كان واردا قبل وقت العمل - ولو بعد إلقاء الكلام - صح أن يكون مانعا عن انعقاد الظهور للمطلق ، فكون ظهور العام تنجيزيا ، وظهور المطلق تعليقيا على ما أفاده الشيخ الأعظم (قدس سره) (١) وجيه في هذه الصورة.
بخلاف ما إذا كان ورود العام بعد وقت العمل ، فانهما ظهوران تنجيزيان ، وفي مثله يصح ما أفاده شيخنا الاستاذ (قدس سره) : من أن عدم البيان الذي هو جزء المقتضي هو عدم البيان في مقام البيان ، لا إلى الابد.
فكل من الكلامين صحيح على وجه لا مطلقا.
نعم هنا احتمال آخر تعرضنا له في مبحث العام والخاص (٢) ، وهو : إن العام وإن كان ظهوره في العموم وضعيا إلا أن حجيته عند العرف بلحاظ كشفه النوعي عن المراد الجدي ، فاذا كان عادة المتكلم بيان مرامه الجدي - ولو بكلامين منفصلين - قبل وقت العمل ، فلا كاشفية نوعية للعام عن إرادة الشمول جدّا ، إلا إذا لم يتعقبه ما يخصصه قبل وقت العمل.
فكما أن أصل ظهور المطلق - في الاطلاق - مراعى بعدم بيان القيد قبل وقت العمل ، كذلك كاشفية العام نوعا عن إرادة العموم مراعى بعدم ورود ما يوجب قصره على بعض أفراده.
فالمطلق صالح للمنع عن تمامية الكشف النوعي عن المراد الجدي ، والعام صالح للمنع عن انعقاد الظهور الاطلاقي ، ولا موجب لتقديم أحدهما على الآخر بنحو الكلية ، بل لابد من ملاحظة الخصوصيات الموجبة لأقوائية أحدهما في الظهور ، أو الأخر في الكاشفية النوعية. فتدبر جيدا.
[٤٨] قوله قدس سره : وأغلبية التقييد مع كثرة... الخ (٣) .
وفي رسائل الشيخ الأعظم (قدس سره) الاستدلال بهذا الوجه (٤) - بناء على كون التقييد مجازا - وهو أوجه مما في المتن ؛ إذ بناء على عدم المجازية تكون إرادة الخصوص من العام مجازا ، وإرادة المقيد من المطلق لا يستلزم التجوز ، فلا تصل النوبة إلى ملاحظة الأغلبية والأكثرية.
__________________
(١) الرسائل : ٤٥٧ : في تعارض الاطلاق والعموم.
(٢) نهاية الدراية ٢ : التعليقة ١٨٤.
(٣) الكفاية ٤٠٤ : ٢.
(٤) الرسائل : ٤٥٧ في تعارض العموم والاطلاق.