الباعث على البعث المصحح ، لانتزاعهما من الجزء والشرط ، فلا يقاس بالوجوب المعمولي المقدمي المنبعث عن غرض مقدمي.
ثانيهما - إن المجعول الانتزاعي لو كان مجعولا تبعيا - بحيث كان بينه وبين منشئه المجعول تشريعا إثنينية في الجعل نظرا إلى السببية والمسببية بينهما - لكان مجديا في ترتب الاثار المرغوبة من الالتزام بجعله فيصح رفعه ، ولو لم يكن رفع المنشأ - كما في الاقل والاكثر الارتباطيين بناء على عدم الانحلال عقلا كما تقدم دعواه من شيخنا العلامة رفع الله مقامه (١) وصرح بهذا المبنى في تعليقته الأنيقة (٢) .
وأما إذا كان المجعول الانتزاعي مجعولا بالعرض ، لا بالتبع ، وكان ما بالذات وما بالعرض مجعولين بجعل واحد ، من دون تخلل الجعل بينهما ، فلا محالة لا يجدي في الوضع والرفع إلا وضع المجعول بالذات ورفعه ، وقد أقمنا البرهان غير مرّة على أن ثبوت الموضوع تشريعا بعين ثبوت حكمه له ، لا بثبوت آخر منفصل الهوية عن ثبوت حكمه.
وذلك لأن الشوق المطلق لا يوجد ، بل يوجد متقوما بمتعلقه ، ولا يعقل أن يكون لمتعلقه في مرتبة تعلقه به فعلية أخرى مغايرة لفعلية الشوق ، وإلا لم يعقل أن يكون المتعلق مقوما لصفة الشوق ، ومناط فردية الشوق وملاك تحقق شوق خاص تعلقي.
ومع فرض تغاير الفعليتين لا يعقل اتحادهما ، بحيث يكون الموجود صفة خاصة واحدة ، لأن كل فعلية تأبى عن فعلية أخرى ، فالماهية - التي تعلق بها الشوق - لها ثبوت شوقي بعين ثبوت الشوق.
وكذا في مقام البعث الاعتباري ، فان البعث الاعتباري المطلق لا يوجد ، فان طبعه تعلقي - كالشوق - ، فلابد من أن يتقوم بمتعلقه في مرتبة وجوده في افق الاعتبار ، فثبوت المتعلق بعين ثبوت البعث الاعتباري.
وعليه فالحكم مطلقا بالنسبة إلى موضوعه من قبيل عوارض الماهية ، وثبوت المعروض - هنا - بثبوت العارض ، بخلاف عوارض الوجود المتوقفة على ثبوت المعروض.
وعليه فاذا كان ثبوت المتعلق بعين ثبوت حكمه وجعله بعين جعله ، فما ينتزع من
__________________
(١) الكفاية ٢٢٨ : ٢.
(٢) ص ١٩٥.