وظاهر قوله (ره) ( ولو بحسب الظاهر عند... الخ ) يوافق ما احتمله شيخنا العلامة الاستاد (قده) في تعليقته الأنيقة (١) من كون الرواية متكفلة بعمومها للطهارة الواقعية للاشياء ، وباطلاقها - لصورة الشك - للطهارة الظاهرية ، وإلا لم يكن معنى لقوله (ره) ( ولو بحسب الظاهر ) بل كان عليه أن يقول - كما حكاه الشيخ الأجل (قده) عنه - ( الحكم الأولي للاشياء ظاهرا هي الطهارة ، مع عدم العلم بالنجاسة ) .

ولعل هذا التصرف منه (قده) بزعم أنه لا معنى لهذا التعبير ، مع أنه لا يمكن تقريب الجمع إلا بذلك ، حتى يكون مجال للاشارة إلى الحكم الذي يقبل الاستمرار بالغاية.

وعليه فيشترك هذا الاحتمال مع الاحتمال الثالث من حيث التقريب والدفع.

وأما مع قطع النظر عن ذلك ، ودعوى دلالة الرواية على جعل حكمين ظاهريين فقط ، فالتقريب في غاية الصعوبة ، فان الغاية ، وان دلت بنفسها على أن ما قبلها أمر له امتداد واستمرار ، وما لم يفرض فيه استمرار لا غاية له.

وكذا على أن الاستمرار ظاهري ، لكون الغاية علما بنقيض المغيّى ، إلا أن غاية الأمر دلالة الرواية على الحكم بطهارة مستمرة إلى زمان العلم بالقذارة ، وليس كلّ استمرار استصحابا ، بل الاستمرار الواقع طرفا للحكم ، فالحكم باستمرار الطهارة ، وبابقائها هو الاستصحاب ، لا الحكم بطهارة مستمرة إلى أن يتبدل الموضوع بنقيضه ، وعدم الجامع بين الحكم بالطهارة والحكم باستمرارها وابقائها واضح ، وعدم امكان كون الظاهر وجودا لهذين المعنيين المتباينين أيضا في غاية الوضوح.

مضافا إلى أن الحكم المجعول أولا ، المطلوب استمراره ، حيث أنه حكم ظاهري ، فليس الحكم باستمراره من استصحاب الطهارة ، فان استصحاب الطهارة - في قبال قاعدة الطهارة - هو الحكم بابقاء الطهارة الواقعية تعبدا.

وأما بقاء الطهارة الظاهرية الثابتة بقاعدة الطهارة ، فببقاء موضوعها ، وهو الشك.

وأما ما أورده عليه شيخنا الأعظم (قده) في الرسائل من أن الغاية من توابع الحكم الأول الذي هو موضوع للحكم بالاستمرار ، فاذا كانت غاية للحكم الثاني أيضا - كما هو المفروض - لزم تقدم الشيء على نفسه.

فيمكن دفعه : بأن وحدة الغاية ليست شخصية حتى يلزم من أخذها في موضوع الحكم الثاني تقدم الشيء على نفسه ، بل وحدة عمومية تنطبق على كل غاية لكل حكم

__________________

(١) ص ١٨٥.

۴۳۰۱