نعم إذا كان من سنخ موضوع الحكم ، فلا جعل لما يماثله تعبدا أيضا. بل جعله راجع إلى جعل الحكم المماثل ، والتعبد بحكم الموضوع المتيقن لا يوجب خلو الحكم المجعول عن الموضوع ، بل يوجب أن يكون الموضوع التعبدي العنواني بلا موضوع ومعروض ، ولا مانع منه حيث لا وجود له تحقيقا ولا تعبدا ، بل عنوانا فقط.
ويمكن أن يستدل بمثله لما ذكرنا من اتحاد المشكوك والمتيقن ،
بتقريب أن المتيقن ، سواء كان وجوب شيء ، أو قيام زيد ، أو خمرية مايع ، أو وجود زيد ، فمقتضى الشك فيه - كما هو مفروغ عنه - أن يكون المشكوك أيضا وجوب ذلك الشيء ، وقيام زيد وخمرية ذلك المايع ووجود زيد ، وإلا فاما أن يكون المشكوك نفس الوجوب فقط ، أو القيام فقط ، أو الخمرية فقط ، أو الوجود فقط ، وإما أن يكون المشكوك وجوب شيء آخر ، وقيام عمرو وخمرية مايع آخر ، ووجود عمرو مثلا.
فان كان الأول لزم محذور العرض بلا موضوع ، لأن الوجوب يتقوم بموضوعه ، ولا يعقل الوجوب المطلق حتى يعقل الشك فيه ، والقيام المطلق كذلك ، فلا يعقل الشك فيه ، والخمرية عنوان المايع ، فلا يعقل وجودها من دون معنونها ، فلا يعقل الشك فيها ، والوجود المطلق في الموجودات الامكانية لا يعقل ، فلابد أن يكون مضافا إلى ماهية ، فالماهية وإن كانت متشخصة بالوجود ، لكن الوجود الامكاني متخصص بها ، فلا يعقل الشك في الوجود المطلق ، فمحذور الكل نظير محذور كون العرض بلا موضوع.
وإن كان الثاني - لزم نظير محذور انتقال العرض ؛ لأنه - مع التحفظ على الشك في المتيقن - لو كان ما يضاف اليه الشك غير ما أضيف اليه اليقين - مع فرض وحدة المتيقن والمشكوك قضاء لتعلق الشك بالمتيقن - فان أرجعنا المشكوك الى المتيقن ثبت المطلوب ، وهو لزوم كون الموضوع فيهما متحدا.
وإن أرجعنا المتيقن الى المشكوك لزم ما هو كانتقال العرض ، إذ كما إن تشخص العرض بموضوعه ، فيستحيل انتقاله إلى غيره ، كذلك تقوم الوجوب المتيقن بموضوعه ، وكذلك تشخص القيام المتيقن بموضوعه ، وتقوم العنوان بمعنونه ، وتخصص الوجود المتيقن بماهيته ، فحفظ وحدة المتيقن - أي المستصحب - والمشكوك مع تعلقه بغير موضوعه موجب للمحذور المذكور.
(١١٤) قوله قدس سره : في أن هذا الاتحاد هل هو بنظر العرف... الخ (١) .
__________________
(١) الكفاية ٣٤٦ : ٢.