المتيقن أصله ثابت لمثل هذا الموضوع ، فالشخص - بما هو عاقل برهاني - يقطع بثبوت الحكم لموضوع خاص واقعا ، وبما هو من أهل فهم الكلام يقطع بثبوت الحكم لموضوع آخر متخصص بخصوصية اخرى ، وبما ارتكز من المناسبات في ذهنه ، وبطبعه يقطع بثبوت الحكم لموضوع ثالث مثلا.

فيقع الكلام - حينئذ - في أن الخطاب المتكفل لحكم الاستصحاب متوجه إليه بما هو عاقل بالعقل النظري البرهاني ، أو بما هو من أهل المحاورة واستفادة مفاد الدليل ، أو بما هو لو خلّي وطبعه يرى الحكم ثابتا لموضوع مخصوص.

وسيأتي إن شاء الله تعالى تعيين الأخير ،

وهذا المعنى لا يتفاوت حكمه بين ما إذا التفت إلى مقتضى العقل ومفاد النقل المخالفين لنظره الطبعي وارتكازه العادي ، وما إذا لم يلتفت ، لأن حيثية كونه بطبعه كذلك محفوظة بالفعل ، فاذا كان خطاب ( لا تنقض ) مسوقا إليه بنظره العرفي الطبعي كان النقض بهذا النظر محرما عليه ، دون غيره.

ومنها - إن الفرق بين الموضوع العقلي والموضوع الدليلي : أن جميع القيود والخصوصيات المأخوذة في القضية اللفظية ، وإن لم تكن مقومة للموضوع في اللفظ ، لكنها مقومة له في اللبّ ، فاذا قطع بزوال بعض تلك الخصوصيات ، فلا محالة يقطع بزوال الموضوع الحقيقي ، فلا يعقل الشك في بقاء حكمه ، كما أنه إذا شك في زوال تلك الخصوصية يشك في بقاء الموضوع الدقيقي ، مع أنه لابد من إحراز الموضوع في الاستصحاب.

والوجه في كون القيود والخصوصيات مقومة للموضوع - حقيقة - أمور :

الأول - إن القضية ذات أجزاء ثلاثة : وهي الموضوع والمحمول والنسبة.

وفيه : إن مقتضى ثبوت شيء لشيء وإن كان ذلك ، إلا أن ثبوت شيء لشيء ربما يتوقف على شيء ، وهو أجنبي عن مقومات القضية ، فيمكن الشك في ثبوته له ، للشك في كون الموقوف عليه علة لثبوت الشيء لشيء حدوثا فقط أو بقاء أيضا.

الثاني - إن الطالب لا يأخذ شيئا في طلبه وحكمه ، إلا لدخله في حصول مطلوبه ، وإلا لزم اللغوية والعبث.

وفيه : إنه يتوقف على عدم معقولية دخله في تحقق أصل طلبه ، والا لم يلزم اللغوية والعبث ، فالمسألة مبنية على معقولية الواجب المشروط ، وقد مرّ مرارا أنه معقول ، وأن القيد يمكن أن لا يكون له دخل في مصلحة الموضوع بوجه ، وتمحض دخله في تمامية

۴۳۰۱