وبالجملة : فالملكية الشرعية والعرفية غير موجودة بوجود واقعي انتزاعي على حد الأمور الانتزاعية الغير المرهونة باعتبار معتبر ، ولا موجودة بوجود اعتباري ذهني يقوم بأمر ذهني على حد المعقولات الثانوية ،

فان المالك شرعا ( زيد ) الخارجي لا الذهني ، بل الشارع مثلا اعتبرها لزيد الخارجي ، فحقيقة موجوديتها أنها طرف الاعتبار القائم بالشارع بالمباشرة ، فان الاعتبار فعل مباشري للمعتبر ، لا إنشائي ولا تسبيبي من المعتبر ،

ومنه تبين أن جعله عين اعتباره ، لا أنه إنشائي أو يتسبب إليه بانشائه من معتبره ، وإن كان لمفهومه وجود إنشائي ، لكنه غير الملكية الحقيقية التي يترتب عليها الآثار ،

نعم حيث أن الانشاء تارة يكون بالاضافة إلى الداعي كالسبب والمحقق ، وأخرى يكون بالاضافة إليه كاشفا ومظهرا ، فيصح إظهار اعتبار الملكية بقوله : ملكت أو هذا لك.

كما إن الانشاء بداعي الارشاد لأظهار رشد العبد وخيره في المادة ، والانشاء بداعي التعجيز لاظهار عجز المخاطب - في قبال الانشاء بداعي جعل الداعي - فانه محقق للداعي من قبل المولى ،

وعليه فالمجعول بالحقيقة الصادر من الشارع هو اعتبار الملكية ، والانشاء منه إظهار له ، لا ايجاد لذلك الاعتبار. هذا حال الملكية الشرعية والعرفية.

وكذا حال غيرها من المعاني التي لو وجدت في الخارج ، لكانت مقولة من المقولات مثلا ، فانها غير موجودة شرعا بذلك الوجود المناسب لها في نظام الوجود ، بل وجودها شرعا باعتبارها شرعا كالزوجية والرقية والحرية ونحوها.

وأما القضاوة ، فتارة يراد بها الحكومة الكلية المترتبة شرعا على موضوعها ، كقوله عليه السلام ( من روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا فقد جعلته حاكما ) ، (١) فان هذه الحكومة المجعولة كسائر الأحكام المجعولة ، المترتبة على موضوعاتها الكلية من الاحكام المجعولة الالهية ، وفعليتها بفعلية موضوعها ، سواء كان هذا الجعل الكلي من الصادق عليه السلام بما هو مبلغ لأحكام الله تعالى ، أو بما هو مفوض إليه في أمر التشريعات ، فان مجعوله أيضا مجعوله تعالى على يده ، لا أنه خارج عن دائرة الاحكام الالهية ، فيكون التشريع منه بمنزلة التكوين منه من حيث كونه عليه السلام من

__________________

(١) الوسائل ١٨ : الباب ١١ من ابواب صفات القاضي : ص ٩٩ : الحديث ١.

۴۳۰۱