والطريقية في غيره ، فان جعل حكم جديد معقول حينئذ ، وقد مرّ ما ينبغي أن يقال في صورة السببية ولا بأس باعادة الكلام تتميما للفائدة ، فنقول فيما إذا لم يعلم اعتبار المزية شرعا أو عقلا وجوه :
أحدها : كونه من باب الشك في التعيين والتخيير ، وفيه قول بالاشتغال وقول بالبراءة.
ثانيها : كونه من باب دوران الأمر بين المتزاحمين.
وثالثها : كونه من باب دوران الأمر بين المحذورين أحيانا.
وتحقيق المقام : إن رجوع الأمر إلى التعيين والتخيير - شرعا - فيما إذا علم بالملاك - في المعين - ويحتمل وجوده في الآخر. فربما يقال بالاشتغال ، نظرا إلى أن تعلق الطلب بالمعين - المقطوع وجود الملاك فيه - معلوم ، وسقوطه بموافقة الآخر مشكوك ، للشك في كونه ذا ملاك وفي كونه مطلوبا ، والاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية.
وربما يقال : بأن مطلوبية الجامع معلومة ، والشك في دخل الخصوصية ، فيرتفع بأدلة البراءة الشرعية ، أو العقلية ، وتمام الكلام في محله.
إلاّ أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل لفرض ، السببية والموضوعية ، ومقتضاها وجود الملاك في الطرفين ، وتعلق الحكم التعييني الشرعي في حد ذاته بكل منهما ، والشك في أن ما له المزية أقوى ملاكا ، حتى يتعين شرعا ، فيكون الحكم الشرعي على طبقه فعليا ، أو ليس كذلك ، حتى يبقى حكم التعييني في حد ذاته على حاله ، فيقتضي التخيير عقلا ، لتمانعهما في الفعلية.
وحيث علم أن المورد من الواجبين المتزاحمين ، وأن التعيين والتخيير فيه عقلي ، وليس من موارد التعيين والتخيير الشرعيين ، فاعلم أن في المسألة وجوها بل أقوالا :
قول بلزوم الأخذ بمحتمل الأهمية عقلا. وقول بالتخيير عقلا. وقول بالتفصيل بين ما إذا كان منشأ احتمال الأهمية حدوث ملاك آخر يستتبع حكما شرعيا على طبقه ، وما إذا كان منشؤه تأكد الملاك وقوته ، كما عن شيخنا العلامة ( رفع الله مقامه ) في تعليقته الأنيقة (١) على الرسائل. وقد تقدم الوجه فيه مع جوابه فراجع (٢) .
وأما وجه القول بتعين محتمل الأهمية الذي ذهب إليه شيخنا العلامة الأنصاري
__________________
(١) ص ٢٦٩ ، ذيل قول الشيخ : « وكذا لو احتمل الأهمية في أحدهما... الخ » .
(٢) التعليقة ١٥.