إلا أن التحقيق : إن مجموع اليقينين ليس موضوعا للحكم ، بل كل منهما ، فمرجع المجموع الى اليقين بالجامع بين الطرفين ، ولذا يصح اعتبار ناقضية اليقين الاجمالي له ، لتعلقه أيضا بالجامع بين الطرفين.
لكن تعلق اليقين المنقوض بالجامع انتزاعي من تعلق كل فرد من اليقين بفرد من الجامع ، وظاهر ( لا تنقض اليقين بالشك ) - مع وجود اليقين بهذا بخصوصه ، وبذاك بخصوصه ، ثم الشك فيهما كذلك - هو تحريم نقض كل من اليقينين الخاصين الحقيقيين ، لا الجامع من اليقينين المتعلقين بما ينتزع منهما جامع.
وهذا لا دخل له بجواز استصحاب الكلي ، لتعلق اليقين هناك حقيقة بالجامع ، والشك في خصوصيته.
وعلى ما ذكرنا : من عدم اعتبار صحيح لناقضية اليقين الاجمالي ، فلا يكون له دلالة على تحديد الموضوع بالشك المحض.
وأما قضية : ( ولكنه تنقضه بيقين آخر ) وإن كانت إرشادية ، لكنها ليست إرشادا إلى الجري على وفق اليقين ، حتى لا يكون فرق بين اليقين الاجمالي والتفصيلي ، فانه بهذا المعنى ليس مقابلا لليقين السابق ، فان الجري العملي - على وفق اليقين - ليس من أجل اليقين بالحكم الفعلي الذي يقضي العقل بامتثاله ، فانه شأن اليقين الفعلي بالحكم ، لا اليقين السابق.
بل كما أن قضية الجري على وفق اليقين السابق - من حيث مقابلته مع الشك الفعلي ، واقتضاء وثاقة اليقين في قبال الشك عند العقلاء - الجري العملي عليه ، فكذا الجري العملي مستمر إلى أن يتبدل الشك باليقين ، فتكون القضية إرشادا إلى استمرار الحكم السابق العقلائي إلى تبدل موضوعه بأمر وثيق ، لتقابل اليقين السابق من حيث وثقاقته. وحيث أن اليقين الاجمالي الفعلي يجامع الشك ، ولا يقابل اليقين السابق ، من حيث عدم تعلقه بعين ما تعلق به ، فلم يحدث في قبال ذلك الأمر الوثيق ما يوازيه في الوثاقة ليرفع اليد به عنه ، ونتيجته تأكيد الحكم بحرمة نقض اليقين بالشك. والله اعلم.
[ تعارض الاستصحاب مع القرعة ]
(١٢٤) قوله قدس سره : وأما القرعة فالاستصحاب في موردها يقدم عليها الخ (١) .
نعم هو كذلك إذا لم يكن هناك حكومة بينهما.
__________________
(١) الكفاية ٣٦٠ : ٢.