فهو أيضا من باب جعل الملزوم - وهي المعذرية - بجعل لازمها - وهو عدم لزوم الاعادة - والمعذرية كالمنجزية شرعا من الاعتبارات المجعولة ، وليست المعذرية هنا من حيث العقوبة حتى يقال :
إن عدم العقوبة ، لا ينافي اقتران الصلاة بالمانع الواقعي ، بل المعذرية هنا من حيث الكلفة الوضعية ، فترجع إلى أنه لا تبعة من حيث الوضع ، مع وجود اليقين السابق بعدم النجاسة ، ولو كانت بوجودها الواقعي مانعة ، كانت تبعتها وضعا على حالها. فتدبره ، فانه حقيق به.
(٢٧) قوله قدس سره : إن الطهارة ، وإن لم تكن شرطا فعلا... الخ (١)
حاصله : كفاية كونها شرطا اقتضائيا طبعيا في التعبد بها ، من دون حاجة إلى جعل الشرطية لها فعلا ، كما كانت في غير هذه الحال ؛ إذ المفروض كون إحراز ما هو شرط اقتضائي تعبدا ، شرطا فعليا.
والتحقيق : إن مقتضي التعبد الاستصحابي لبّا جعل الحكم المماثل - إما تكليفا أو وضعا - وعليه فالحكم الاقتضائي : إما أن يراد منه الحكم الثابت بثبوت مقتضيه ، أو يراد منه الحكم المجعول لذات الموضوع ، مع قطع النظر عن عروض عارض.
فان اريد الأول ، فلا حكم واقعي في هذه الحال ، بل مجرد وجود المقتضي له ، فلا معنى للتعبد بمماثله ، كما أن مقتضيه واقعي ، لا جعلي ، حتى يتعبد بمماثله.
وإن أريد الثاني ، فذات الموضوع ، وان كان لها حكم إنشائي مجعول ، لكن المفروض عدم شموله لصورة عروض هذا العارض ، فلا حكم واقعي في هذه الصورة للطهارة الواقعية ، حتى يتعبد بمماثله فيها.
ومع قطع النظر عن الحكم لا يعقل التعبد الاستصحابي ، ولا غيره مما يكون لبّه جعل الحكم المماثل ، فأية فائدة في كون الطهارة محكومة بحكم اقتضائي ؟ !
ولا يمكن الالتزام بشرطية الطهارة الواقعية واقعا ، وعدم فعليتها في هذه الصورة ، بل الفعلي غيرها ، وهو إحراز الطهارة التعبدية ، فان الجهل بها ، وإن كان مانعا عن فعليتها ، إلا أنه بعد ارتفاع الجهل تصير الشرطية فعلية ، وإن كان المصلي واجدا لشرط آخر في هذه الحال.
وحديث الاجزاء - وتدارك المصلحة الواقعية باقتران الصلاة بشرطها الفعلي -
__________________
(١) الكفاية ٢٩٢ : ٢.