العقل.

فالمناط مع عدم احرازه مقطوع العدم ، فالواسطة في الثبوت كالواسطة في الاثبات ، وكما لا واسطة في الاثبات ، كذلك لا واسطة في الثبوت ، فان المدح والذم فعليته وتنجزه واحد ، وما كان كذلك يستحيل أن يكون موضوعه الشيء بوجوده الواقعي ، بل بوجوده في وجدان العقل.

هذا كله إذا اريد إبقاء الحكم الشرعي المستند إلى حكم العقل وملاكه.

وأما الحكم العقلي النظري ، فمختصر القول فيه :

إنّا قد ذكرنا في بعض مباحث الانسداد (١) : إن العقل ربما يدرك المصلحة القائمة بالفعل ، فاذا أدرك عدم المفسدة الغالبة فيه ، والمانعة عن البعث نحوه ، فلا محالة يدرك معلولها ، لاستحالة انفكاك المعلول عن علته التامة المحرزة على الفرض.

وهذه المصلحة المحرزة ربما تكون معلومة الحال - من حيث حدود ما يؤثر فيها - تفصيلا ، فلا محالة يوجب زوال بعضها زوال العلة التامة.

وربما تكون معلومة الحال على الاجمال ، فمع زوال بعض تلك الخصوصيات يشك في بقاء العلة التامة ، فيشك في بقاء معلوله.

وحكم العقل النظري لو اتفق حصوله ، فهو غالبا من النوع الثاني ، فلا محالة يجري الاستصحاب في الحكم الشرعي المستند إلى مثل هذا الحكم العقلي.

ثم إنه ربما يدّعى التسوية بين الحكم الشرعي المستند إلى الحكم العقلي ، والحكم الشرعي المستند إلى الدليل النقلي (٢) نظرا إلى أنه لو كان الاعتبار بالموضوع الحقيقي الواقعي لم يجر الاستصحاب - على أي حال - ولو كان الاعتبار بالموضوع العرفي ، لجرى الاستصحاب - على أي تقدير -.

وذلك ؛ لأن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية ، لتنزه ساحة الشارع عن الاغراض النفسانية ، وهو مبنى الملازمة بين حكمي العقل والشرع ، وهو الغرض من ابتناء الاشكال على القول بالملازمة - أي على مبناها ، لا على نفسها -.

وحينئذ فكما أن حكم العقل بحسن شيء أو قبحه - لغرض التأديب أو الاضرار -

__________________

(١) ج ٣ : التعليقة ١٤٤ ذيل استتباع حكم العقل النظري للحكم الشرعي المولوي.

(٢) كما عليه صاحب الكفاية « قده » في الكفاية « ج ٢٧٨ : ٢ » وفي تعليقته المباركة على الرسائل « ١٧٧ » وتبعه المحقق الحائري في درره ج ١٥٦ : ٢ والمحقق النائيني « في فوائد الاصول : ج ١٦٥ : ٤ » « قدس سرهما » .

۴۳۰۱