وعليه فالمراد من المقبولة - والله تعالى اعلم - : ان القاضي يجب ان يكون ممن يستند في قضائه الينا ، بروايته عنا ، وحيث ان الرواية تجامع عدم الدراية - ولذا ورد عنهم عليهم السّلام رب حامل فقه وليس بفقيه. أو الى من هو افقه منه (١) - فلذا قال عليه السّلام : ( ونظر في حلالنا وحرامنا ) وحيث ان النظر فيهما يجامع عدم التمكن من تطبيق الكليات على مواردها فلذا قال عليه السّلام :

( وعرف احكامنا ) ولم يقل : وعلم احكامنا ، اذ العلم لا يتعلق الاّ بالكلي ، والمعرفة تتعلق بالشخصي. ولو قلنا ان المعرفة اعم فالوجه بالترتب المزبور ان النظر في مضمون الرواية ربما يجامع عدم الوقوف التام على المرام كما يقال نظرت في كتاب كذا وتأملته ولم اتحصل معناه.

ثم اعلم ان المعتبر في موضوع تلك الاحكام مجرد صدق الفقيه والعارف بالاحكام ، ومن الواضح ان العارف بها بمجرد السماع من المعصوم عليه السّلام شفاها من دون اعمال قوة نظرية في تحصيل معرفتها - كجلّ الرواة دون اجلاّئهم - مما لا ريب في ترتب الاحكام المزبورة عليه وان لم يصدق عليه عنوان المجتهد.

نعم في زمان الغيبة لا يمكن تحصيل المعرفة باحكامهم عليهم السّلام الاّ بواسطة اعمال القوة النظرية ، فيلازم الفقاهة والمعرفة للاجتهاد بمعنى الاستنباط عن ملكة.

انما الاشكال في صدق الفقاهة والمعرفة على علم المقلد ومعرفته بعد اخذ الفتوى من المفتي ، نظرا الى حجية رأى المفتي على المستفتي كحجية الرواية على المفتي.

فكما ان مقتضى حجيّة الخبر جعل الحكم المماثل على طبق ما اخبر به الراوي ، كذلك مقتضى حجّية الرأي على المقلد جعل الحكم المماثل على طبق ما يفتى به.

وكما ان المجتهد يعلم الحكم الفعلي لحجية مدركه عليه كذلك المقلد يعلم الحكم الفعلي لحجية الفتوى عليه.

ودعوى سلب العلم والمعرفة في مرحلة التقليد - فيقال انه ليس بعالم بل

__________________

(١) الوسائل ٦٣ : ١٨ : باب ٨ من ابواب صفات القاضي : حديث ٤٣ و٤٤.

۴۳۰۱