ومقتضاه إن الظن القياسي لا يثبت به شرعا وجوب ، ولا حرمة ، ولا حجية ، ولا مرجحية ، وهنا كذلك ؛ إذ الحكم الفرعي من الوجوب والحرمة يثبت بالخبر الموافق ، ومرجحية الظن القياسي يثبت بأدلة الترجيح المتكفلة أمر حجية كل ما يوجب الأقربية إلى الواقع ؛ فليس القياس واسطة في إثبات حكم ديني - فرعي أو أصولي - حتى يقال :

إن دين الله لا يصاب بالعقول.

نعم : كما إن الأدلة المانعة - عن العمل بالقياس - توجب خروج الظن القياسي عن تحت الدليل الدال على حجية كل ظن ، كذلك توجب خروجه عن تحت أدلة الترجيح بكل ما يوجب الأقربية إلى الواقع ، فكما ليس له الحجية ، كذلك ليس له المرجحية.

ولا يجدي دعوى الفرق بأن نسبة أدلة الترجيح إلى دليل المنع عن القياس بالعموم من وجه ، بخلاف دليل الحجية ، فان النسبة بينها وبين دليل المنع بالعموم المطلق. وذلك بعد التسليم ، وعدم كون دليل المنع أظهر من دليل الترجيح ، نقول : إن مقتضى القاعدة التساقط في مادة الاجتماع ، فلا دليل على الترجيح بالظن القياسي.

[٦٠] قوله قدس سره : فالمعارض المخالف لأحدهما ان كانت... الخ (١)

توضيح المقام : إن مخالفة الخبر للكتاب ، إما بالتباين أو بالعموم والخصوص المطلق ، أو بالعموم من وجه ؛ فان كانت بنحو التباين فهما :

تارة متفاوتان بالنصوصية والظهور ، فيقدم النص والأظهر - سواء كان الكتاب نصا أو أظهر ، أو كان الخبر كذلك ؛ فان حمل الظاهر على النص والاظهر بمقتضى القاعدة العرفية في باب المحاورات لا يختص بشيء ، وعليه ، فالخبر المخالف الذي هو مقدم في حد ذاته لنصوصيته أو أظهريته لا يطرح لمخالفته مع الكتاب ، لو كان وحده.

إنما الكلام في ابتلائه بمزاحم مثله في النصوصية والظهور ، ومقتضى القاعدة الأولية التساقط ، وإن كانت النتيجة مع الموافق عملا.

وأما بمقتضى أدلة الترجيح ، فاللازم تقديم الخبر الموافق لظاهر الكتاب ، بل لعله القدر المتيقن من مورد الترجيح. فتدبر.

وأما إذا كان الكتاب نصا ، أو أظهر من المخالف ، فهو مورد سقوط المخالف عن الحجية رأسا ، بحيث لو كان وحده ما صح الأخذ به ، فانه القدر المتيقن من الأخبار

__________________

(١) الكفاية ٤١٩ : ٢.

۴۳۰۱