(١٢٢) قوله قدس سره : نعم لو لم يجر هذا الاستصحاب بوجه... الخ (٢)

لفرض عدم المانع بوجه من جريان الأصل المسببي. إلا أن الكلام في أنه : هل هو من قبيل المقتضيات العقلية‌ ؟ حتي لا تؤثر مع المانع وتؤثر مع عدمه‌ ؟ ونتيجته جريان الأصل المسببي بعد مزاحمة الأصل السببي بشيء ؟ أو لا يجرى الاصل المسببي بعد سقوطه بسبب الأصل الحاكم‌ ؟ وكذلك لا يجري الأصل الساقط بالمعارضة بعد زوال معارضه ، على خلاف المقتضيات العقلية وموانعها.

وتحقيق الحال : إن المقتضى - هنا - هو العام بدلالته على ثبوت الحكم للأفراد - الأعم من المحققة والمقدرة الوجود - بدلالة واحدة لا تتغير بتغير الحالات ، وبعد ملاحظة ما هو أقوى منه يتعين مقدار مدلوله من حيث الحجية ، فكل فرد من الأفراد المقدرة الوجود كان مشمولا له فهو مشمول له من الأول إلى أن ينسخ هذا الحكم ، وكل فرد لم يكن مشمولا له من الأول فهو كذلك إلى الآخر ، فلا دلالة بعد دلالة ، حتى يدخل بعد الخروج ، أو يخرج بعد الدخول.

ولا يقاس المقام بالشرائط الشرعية والموانع الشرعية المضافة إلى عنوان العام ، فانها من باب تحديد موضوعه سعة وضيقا ، فالافراد المشمولة للعام هي الواجدة لتلك الشرائط والفاقدة للموانع ، وعدم فعلية الحكم بعدم الشرط أو بوجود المانع لعدم تمامية الموضوع ، وإلا فالواجد للشرط والفاقد للمانع داخل في العموم من الأول ، وغيرهما خارج أيضا من الأول.

بخلاف التمانع العقلي - هنا - فان نقض اليقين بالشك هو تمام الموضوع ، ومعه إذا خرج فرد تام الفردية من العموم للتزاحم عقلا ، ثم ارتفع التزاحم لا يحدث معه فرد آخر ، حتى يكون هذا غير المزاحم بالفعل - مشمولا له من الأول ؛ إذ مناط الفردية وحدة الشك مثلا ، ولم يحدث شك آخر بعد زوال المزاحم ، وإذا لم يكن هذا الفرد المقدر الوجود من الأول مشمولا للعام ، فلا دلالة أخرى ، حتى يكون بحسب دلالة أخرى مشمولا للحكم.

فان قلت : إذا كان هناك ماءان كل منهما مستصحب الطهارة ، ثم علم بنجاسة أحدهما ، فانه لا ريب في دخولهما أولا تحت العام ، لعدم المزاحمة. كما لا شك في خروجهما ثانيا ، لمكان المزاحمة ، مع أنهما على ما هما عليه من اليقين بالطهارة والشك في بقائهما على الطهارة ، فاذا أمكن الخروج بعد الدخول كذلك الدخول بعد الخروج ، إما بزوال المزاحم

__________________

(٢) الكفاية ٣٥٦ : ٢.

۴۳۰۱