الفرض يستدعي تقوّم الموضوع بطرفين ، لا أنه يستدعي جزئية فرض وجود زيد لموضوع الحكم ، فالمصحح لاجراء الاستصحاب - في ثبوت القيام لزيد - ليس كونه مشكوكا في فرض وجوده ، بل كون هذا المعنى البسيط ، وهو ثبوت القيام لزيد مشكوكا ، فلا حاجة إلى أصلين فيما إذا كان كل منهما مشكوكا.
وأما ما أفيد في صورة التسبب : أن ثبوت القيام لزيد في فرض وجود زيد ليس مشكوكا. فغريب إذ - بناء عليه - هو في فرض وجود زيد ليس مشكوكا ، وفي فرض عدمه أيضا ليس مشكوكا ، فاين الشك في الثبوت الرابط المسبب عن الشك في المرتبط به ؟ ؟
بل إنما لا يشك في بقاء ثبوت القيام لزيد في ظرف إحراز وجوده ، كما لا يشك في ارتفاعه في ظرف إحراز عدمه ، وأما مع عدم إحرازه ، فهو شاك فعلا في الوجود الرابط - بقاء وإرتفاعا - والمفروض عدم تركب الموضوع كما مر.
(١١٣) قوله قدس سره : والاستدلال عليه باستحالة انتقال العرض... الخ (١)
حاصل الدليل أن عنوان الاستصحاب ابقاء نفس المتيقن ، فاما أن يراد إبقاؤه في موضوعه فهو المطلوب ، وإما أن يراد إبقاؤه في غير موضوعه ، فهو من باب انتقال العرض من موضوعه المتقوم به إلى موضوع آخر ، وإما أن يراد ابقاؤه لا في موضوع ، فهو مناف لكونه عرضا ، إذ يستحيل أن يكون ما حقيقته متقوّمة بموضوعه لا في موضوع. (٢)
وأورد عليه شيخنا قدس سره في تعليقته (٣) إن المحال هو الانتقال والكون بلا موضوع بحسب وجود العرض حقيقة ، لا بحسب وجوده تعبدا.
وملخصه : إن مقتضى العنوان ، وإن كان بقاء نفس المتيقن إلا أنه لبّا جعل ما يماثله أو ما يماثل حكمه ، فلا يلزم شيء من المحالين بعد عدم البقاء بحسب وجوده الحقيقي الشخصي.
واقتصر - قدس سره - هنا على دفع انتقال العرض فقط ، ولعلّه أنسب ؛ إذ الموجود بقاء ، وإن كان مماثلا للموجود أولا ، إلا أنه لا يعقل أن يوجد المماثل أيضا لا في الموضوع ، إذا كان المستصحب من سنخ الحكم.
__________________
(١) الكفاية ٣٤٦ : ٢.
(٢) راجع الرسائل : ٤٠٠ « مبحث اشتراط بقاء الموضوع » .
(٣) ص ٢٣٠ : ذيل قول الشيخ « قده » « الاول بقاء الموضوع الخ » .