أي فيما اقتصر فيه على خصوص الترجيح بموافقة الكتاب ، أو بموافقة المشهور ، أو بمخالفة العامة ، مع أن التقييد بعيد ، لإباء مثل قوله عليه السّلام ( زخرف أو باطل ) (١) بما إذا لم يكن أعدل ، أو إذا لم يكن مشهورا. بخلاف ما إذا حمل أخبار الترجيح على الاستحباب ، فانه لا تقييد في المستحبات ، فضلا عما إذا لم يكن في مقام الترجيح ، بل في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة.
وفيه أولا : إن حملها على الاستحباب ، وإن كان لا يقتضي التقييد ، لأمكان كون المستحب ذا مراتب ، الاّ أن حملها على التمييز ، دون الترجيح ، وإن كان يوجب خروجها عن مورد البحث ، إلاّ أنه لابد من التقييد في مرحلة التمييز كالترجيح ، لأن مقتضى الخبر - المنكفل لتمييز الحجة عن غيرها بالشهرة مطلقا - إن ملاك الحجية الفعلية في المشهور ، دون غيره ، وإن كان النادر موافقا للكتاب ، ومقتضى الخبر - المتكفل لتمييز الحجة عن غيرها بموافقة الكتاب مطلقا إن ملاك الحجية الفعلية في الموافق للكتاب ، وإن كان المخالف مشهورا ، فيقع التعارض في مرحلة التمييز.
وثانيا : قد عرفت : إن ما تضمن لكون المخالف للكتاب زخرفا وباطلا في ما إذا كان مخالفا لنص الكتاب ، ولا تقييد في مورده. وما تضمن لمجرد الترجيح بموافقة الكتاب ، كالمقبولة (٢) الخالية عن ذلك التعبير ، لا يأبى عن التقييد.
[٢٩] قوله قدس سره : دعوى الاجماع مع مصير مثل الكليني... الخ (٣)
لا يخفى عليك ان ما ذكره ثقة الاسلام الكليني (قده) في ديباجة الكافي ليس انكارا للترجيح مطلقا ، ولا إثباتا للتخيير مطلقا ، بل ظاهره (قده) الترجيح بموافقة الكتاب وبمخالفة القوم وبالشهرة.
وحيث أن المعلوم من هذه المرجحات لا يفي بما اختلفت فيه الروايات ، فلذا قال (قده) لا نجد شيئا أحوط ، ولا أوسع من رد علم ذلك إلى العالم ، وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليه السّلام ( بأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم ) انتهى (٤) .
ولا يخفى أن غرضه (قده) أنه لا أحوط من رد علم ذلك إلى العالم ، ولا اوسع من التخيير - بنحو اللف والنشر المرتب - لا أن التخيير أحوط وأوسع ، كما يومي إليه ما نقله
__________________
(١) الوسائل ٧٨ : ١٨ و٨٩ : حديث ١٢ و١٤ و٤٨.
(٢) الوسائل ٧٥ : ١٨ : حديث ١.
(٣) الكفاية ٣٩٥ : ٢.
(٤) الكافى ٧ : ١ : المقدمة.