الردع عن الطريقة العرفية ، بل غاية الأمر شموله له ، فكيف يحمل السؤال عن المدلولين المتلائمين ، والغير المتلائمين على احتمال الردع المخصوص بالأول.
بل السؤال عن خصوص ما لا يتلائمان باحتمال جعل أمارة تعبدية لترجيح أحدهما على الآخر ، وانطباق عنوان عليهما يقتضي التخيير بينهما ، أو التوقف ، وردّ علمه إليهم عليهم السّلام ، والاحتياط في مقام العمل مثلا.
مع أنه لم يذكر في جميع الأخبار العلاجية على كثرتها حمل العام على الخاص ، والمطلق على المقيد ، ومن الواضح أن الردع عن هذه الطريقة في خصوص الأخبار الدائر أمرها بين الترجيح والتخيير والتوقف ، وإعمالها في الكتاب المشتمل على العموم والخصوص ونحوه بعيد في الغاية ، فليس الوجه إلا اختصاص مورد الترجيح والتخيير ، بغير مورد الجمع العرفي ، وحمل الأسئلة على عدم الالتفات إلى ما يقتضيه حكم العرف ، ولو من غير أجلة الرواة. وإن سلم : إلاّ أن تقرير الامام عليه السّلام في مقام الجواب بالارجاع كلية إلى الترجيح والتخيير ، لا محمل له إلا الردع عن الطريقة العرفية في خصوص الأخبار ، وقد عرفت أنه بعيد في الغاية.
فان قلت : ظاهر جملة من الأخبار العلاجية أن موردها يعم النص والظاهر ، والظاهر والأظهر.
منها ما في الكافي عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : ( سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في خبر أمر ، كلاهما يرويه ، أحدهما يأمره والآخر ينهاه كيف يصنع ؟ قال عليه السّلام يرجئه حتى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه ) (١) .
فان الأمر ظاهر في طلب الفعل ، ونص في الجواز ، والنهي ظاهر في التحريم ، ونص في طلب الترك ، ومقتضى حمل الظاهر على النص الحكم بالكراهة والرخصة في الفعل ، مع أنه عليه السّلام حكم بالتخيير.
منها : مكاتبة الحميري إلى الحجة عجل الله فرجه : ( يسألني بعض الفقهاء عن المصلي إذا قام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة ، هل يجب عليه أن يكبر ؟ فان بعض أصحابنا قال : لا يجب عليه تكبيرة ، ويجزيه أن يقول بحول الله وقوته أقوم وأقعد ، فكتب عليه السّلام في الجواب : فيه حديثان أما أحدهما ، فانه إذا انتقل من حالة إلى أخرى ، فعليه التكبير ، وأما الآخر ، فانه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبر ، ثم جلس ، ثم قام ، فليس عليه في
__________________
(١) الكافى ٦٦ : ١ : حديث ٧ ، والوسائل ٧٧ : ١٨ : حديث ٥.