(٩٦) قوله قدس سره : فانه وإن لم يكن بحكم مجعول في الأزل... الخ (١)
عدم الحكم المجعول في الازل ، في قبال قدمه ؛ لبرهان حدوث العالم بأسره. وأما عدمه - بحيث لا ينافي حدوث وجوده - فهو ليس لاستحالة التكليف الجدي بملاحظة عدم المكلف ، فانه فيما لا يزال أيضا كذلك ، مع أنه لا شبهة في جعل الأحكام كلية بعد شرع الشريعة ، ولا يعقل جعل التكليف الحقيقي في الازل ، وتأخر المجعول في ما لا يزال ، عند وجود المكلف ، واستجماعه للشرائط ، فان الجعل والمجعول متحدان - بالذات - مختلفان بالاعتبار ، فلا جعل حيث لا مجعول.
وأما عدم جعل الحكم الانشائي - بداعي جعل الداعي - مع عدم كونه مصداقا لجعل الداعي في الأزل ، فلا موجب لاستحالته ، إلا أن الحكم المجعول - بهذا المعنى - لا موقع له منه تعالى شأنه ، إلا في مرحلة الوحي بلسان جبرئيل عليه السلام على قلب النبي صلّى الله عليه وآله ؛ بداهة عدم إمكان قيام مثله بذاته المقدسة فتدبر جيّدا.
[ التنبيه الحادى عشر ]
(٩٧) قوله قدس سره : لا إشكال في استصحاب عدم تحققه في الزمان الأول وترتيب آثاره... الخ (٢)
أي آثار نفس عدمه ، بأن يكون الزمان الأول - وهو ظرف الشك - ظرف التعبد وترتيب الأثر ، لا عدمه المقارن للزمان الأول فانه - كتأخر وجوده عنه - لا يترتب عليه أثره إلا بالاصل المثبت.
وقد ذكر - قدس سره - لترتيب اثار التأخر طريقين.
أحدهما - دعوى خفاء الواسطة بأن يكون الواسطة - وهو العدم في الزمان الأول - ملغى في نظر العرف ، ويرون التعبد به تعبدا بنفس التأخر الملازم - عقلا - للعدم في الزمان الأول ، وعهدتها على مدعيها.
ثانيهما - دعوى عدم التفكيك بين التنزيل في العدم ، والتنزيل في التأخر ، كما لا تفكيك بينهما واقعا.
والجواب : إن عدم التفكيك في التنزيل ، إن كان لمجرد الاستلزام العقلي واقعا فلابد من القول به في جميع اللوازم العقلية.
وإن كان لخصوصية في بعض الاستلزامات كالعلة التامة ومعلولها ، وكالمتضايفين
__________________
(١) الكفاية ٣٣٢ : ٢.
(٢) الكفاية ٣٣٣ : ٢.