لا تستدعي التبعية في الحجية.
نعم : قد أشكلنا عليه في محله (١) ، بأن الدلالة الالتزامية التصورية ، وان كانت متحققة مع عدم الالتفات من المتكلم إلى اللازم والملازمة ، الا أن العبرة في الإخبار والحكاية القصديّين بالدلالة التصديقية ، ومع عدم الالتفات إلى اللازم لا خبر عنه من المخبر ، وإن كان هو لازم المخبر به ، لا أنه لازم مخبر به ، وحيث لا خبر عن اللازم ؛ فلا حجة عليه.
ويندفع فيما إذا كان اللازم من اللوازم العادية الملتفت إليها نوعا ، ولو ارتكازا ، بنحو الاجمال ، لا بنحو التفصيل ، بأنه يؤاخذ المخبر بالملزوم واللازم ، ولا يلتفت إلى دعوى عدم إلتفاته إلى اللازم.
كما يمكن التعبد باللازم مطلقا - بوجه آخر - فيما إذا كانت الحجية بمعنى لزوم الالتزام ، فان الالتزام بالملزوم لا يجامع عدم الالتزام بلازمه ، فالتعبد بالالتزام بالملزوم يستلزم التعبد بالالتزام بلازمه ، فيجب الالتزام باللازم ، لا من حيث أنه مخبر به تبعا ، بل من حيث أن لزوم الالتزام بالمخبر به يستلزم لزوم الالتزام بلازمه.
ولذا نقول : إن الأخذ باللازم - بناء على هذا المبنى - لا يختص بموارد الأمارات ، بل يجري في جميع موارد التعبد ، ولو كان من الأصول العملية.
إلا أن هذا المبنى - أيضا - إنما يصح ، إذا كان التعبد بالالتزام بعنوانه ، وأما التعبد بعنوان التصديق العملي ، أو بعنوان الابقاء ، وعدم النقض عملا ، فلا يقتضي التعبد باللازم ، إذ ايجاب شيء لا يقتضي ايجاب لازمه بوجه ، اذا لم ينطبق عليه بنفسه عنوان التصديق العملي ، أو الابقاء العملي.
وتمام الكلام في محله.
إلا أنه - بناء على هذا المبنى - يكون التعبد باللازم بتبع التعبد بالملزوم - في الخبر الموافق - إذ لا يجب الالتزام واقعا بالمخالف ، فنفي الثالث مستند اليه.
[١١] قوله قدس سره : وهو بناء العقلاء على أصالتي الظهور... الخ (٢)
إلا أنه لمكان الطريقية عندهم لا لتقيد المصلحة المقتضية للسببية ، كما أن ما أفاده (قدس سره) من التسوية فيما بعد ، بين بناء العقلاء ، والأدلة اللفظية ، من حيث عدم
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٥ : التعليقة ٩٠.
(٢) الكفاية ٣٨٥ : ٢.