وأما موافقة الكتاب :
فتارة يحمل على المخالفة ثبوتا لا إثباتا ، كما عن شيخنا (قده) في مباحث الألفاظ (١) .
وأخرى على عدم صدور المخالف ، ولو كان وحده ، كما أفاده هنا.
وثالثة على حصر مواردها في العقائد.
أما المخالفة ثبوتا بمعنى أن ما يصدر منهم - عليهم السّلام - لا يخالف الكتاب واقعا ، بل يوافقه واقعا ، إما لارادة المؤوّل من الكتاب ، أو من الخبر - فهي وإن كانت محتملة من قوله عليه السّلام ( لا نقول ما يخالف قول ربنا ) إلا أن الأخبار الآمرة بضرب المخالف على الجدار ، (٢) وأنه زخرف ، وأنه باطل ، لا يراد منها إلاّ ما هو ظاهر في المخالفة للكتاب ، وهو القابل للعرض على الكتاب ، دون ما يخالف واقعا لما هو المراد واقعا من الكتاب.
وأما ورودها في غير مقام التعارض ، فظاهر جملة من أخبارها (٣) وإن كان بحيث يعم ما لو كان المخالف وحده ، الاّ أن صريح المقبولة والمرفوعة ، ورواية العيون والراوندي ، والعياشي عن الحسن بن الجهم (٤) إعمال هذا المرجح في مورد تعارض الخبرين.
وأما ورودها في العقائد ، فصريح المقبولة ورودها في التنازع في الدين والميراث ، بل ظاهر جملة أخرى أيضا عدم اختصاصها بالعقائد.
والتحقيق : إن مورد الترجيح المبحوث عنه ما إذا كان الخبر صدورا وظهورا بحيث لو لم يكن في قباله خبر معارض لكان حجة شرعا.
ومورد جملة من أخبار موافقة الكتاب ، ومخالفته بحيث لو كان الخبر المخالف وحده لوجب طرحه ، ومثله ليس إلا المخالف لنص الكتاب ، فانه الذي يصح أن يقال في حقه « إنه زخرف ، وباطل ، وإني لم اقله ، وإنه لا تقبلوا علينا ما يخالف قول ربنا » (٥) وهو صريح رواية العيون ، حيث قال عليه السلام ( فما جاء في تحليل ما حرم الله ، أو تحريم ما
__________________
(١) الكفاية ٣٦٧ : ١.
(٢) إنظر مقدمة تفسير التبيان ٥ : ١ للشيخ الطوسي قدس الله نفسه وتفسير الصافي للفيض الكاشاني ره « قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم : إذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله.... وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط » .
(٣) راجع الوسائل ٨٦ : ١٨ : حديث ٣٥ و٣٢.
(٤) العيون ٢٠ : ٢ : حديث ٤٥.
الوسائل ٨٤ : ١٨ : حديث ٢٩.
الوسائل ٨٩ : ١٨ : حديث ٤٨.
(٥) بحار الأنوار ٢ : باب ٢٩ من كتاب العلم : حديث ٦٢.