نعم بناء على مسلك شيخنا (قدس سره) من أن التخصيص لا يستلزم التجوز في العام ، لاستعمال العام في العموم ضربا للقاعدة وإعطاء للحجة (١) - يجدي الاستدلال بالأغلبية ، إلاّ أن المبنى محل نظر ، كما مرّ في مباحث الألفاظ مرارا (٢) .

ثم إن الشيخ (قدس سره) قال بعد بيان الوجه : ( وفيه تأمل ) ، وأفاد - في الهامش المنسوب إليه - أن الكلام في التقييد بالمنفصل ، ولا نسلم أنه أغلب ، نعم دلالة ألفاظ العموم أقوى من دلالة المطلق ، ولو قلنا : إنها بالوضع. انتهى (٣) .

وليس في ظاهر النظر وجه للأقوائية ، مع اشتراكهما في الوضع ، وفي كون العام والمطلق يمكن أن يكون كل منهما شموليّا ، وأن يكون بدليّا ، إلا أن يقال : إن الأفراد في العام مقوم الموضوع له ، ومصب الدلالة الوضعية ، بخلاف الحالات في المطلق ، فان الموضوع له فيه هي الطبيعة السارية في جميع الأحوال ، فالموضوع له ذات الطبيعة السارية ، والحالات لوازمها ، لا مقومها ومصب الدلالة. فتأمل.

[٤٩] قوله قدس سره : ومنها ما قيل فيما إذا دار بين التخصيص والنسخ... الخ (٤) .

لا يخفى عليك أن تخصيص العام بالخاص مطلقا مشروط بورود الخاص قبل حضور وقت العمل بالعام ، لئلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة. ونسخ الحكم مشروط مطلقا بورود الناسخ بعد حضور وقت العمل بالمنسوخ ، لئلا يلزم كون شىء واحد في زمان واجدا للمصلحة ، وفاقدا لها ، ولئلا يلزم جعل الداعي ورفعه معا في زمان يترقب فيه الدعوة إلى الفعل. - كما بينا في محله -. فيتمحض دوران الأمر بين الناسخية والمخصصية - في الصورة الأولى من الصورتين المذكورتين في المتن - حيث أن الخاص فرض تقدمه على العام ، فهو صالح للمخصصية ؛ لوروده قبل وقت العمل بالعام ، والعام صالح للناسخية ، حيث فرض وروده بعد حضور وقت العمل بالخاص. بخلاف الصورة الثانية ، لتقدم العام على الخاص ، فالخاص إن كان واردا قبل حضور وقت العمل بالعام ، فلا يصلح إلا للمخصصية ، دون الناسخية لفقد شرطها ، وإن كان واردا بعد حضور وقت العمل بالعام ، فلا يصلح بنفسه للمخصصية ، لفقد شرطها.

فلابد في تعقل الدوران في هذه الصورة من أحد أمرين :

__________________

(١) راجع الكفاية ٣٣٦ : ١.

(٢) راجع نهاية الدراية ٢ : التعليقة ١٨٤.

(٣) راجع حاشية المحقق الخراساني على الرسائل : ٢٧٦ : ذيل قول الشيخ : « وأما على القول بكونه مجازا... » .

(٤) الكفاية ٤٠٤ : ٢.

۴۳۰۱