انتزاعا ، لعموم الملاك المقتضي لنفي المجعولية.

فتوضيح دفعه يتوقف على مقدمة :

هي أن السبب الفاعلي للحكم التكليفي ، وللاعتبار الوضعي هو شخص الحاكم والمعتبر ، وما يسمى سببا - كدلوك الشمس ونحوه - شرط حقيقة أو معدّ دقّة ، فلا معنى لجعل السببية الحقيقية في نفسها ، فاللازم إخراجها عن محل البحث.

وأما الشرطية ، فحيث أنها انتزاعية ، إذ الموجود في الخارج ذات الشرط ، وذات المشروط - كما في سائر موارد العلة والمعلول - فهي في حد ذاتها غير قابلة للجعل الاستقلالي سواء كان الجعل تكوينيا او تشريعيا ، فيتمحض الكلام في جعلها على حسب وجودها الانتزاعي.

فنقول : الشرط إما مصحح لفاعلية الفاعل أو متمم لقابلية القابل.

فتارة يلاحظ كون النار بحيث لا يحرق إلا مع وضعها ومحاذاتها لشيء ، ومع خلو المحل عن الرطوبة ، ولو لم يكن في العالم نار ، ولا إحراق ، ولا شرائط التأثير ، والتأثر ، وهنا لا مجعول بالذات أصلا ليكون هناك مجعول بالعرض ، بل طبيعة النار مستعدة باستعداد ما هوى للاحراق إذا كانت مقترنة بكذا.

ونظيره كون الصلاة بحيث لا تؤثر أثرها ، إلا إذا اقترنت بالطهارة مثلا ، فانه أمر محفوظ سواء كان هناك جعل تكويني أو جعل تشريعي أولا ، بل قد مر مرارا إن الذات والذاتيات ولوازمها غير قابلة للجعل بوجه. « وأخرى » تكون النار موجودة في الخارج مقترنة بالوضع والمحاذاة مع اقتران المحل باليبوسة - مثلا -.

فذات المشروط ، وذات الشرط موجودتان بالذات ، وعنوان الشرطية والمشروطية موجودان بالعرض.

ونظيره ما إذا وجدت الصلاة في الخارج مقترنة بالطهارة ، فذات الشرط والمشروط موجودتان بالذات ، وعنوانهما بالعرض ، وجاعلهما المصلي ، والجعل تكويني ذاتي في المعنون ، وعرضي في العنوان.

إذا عرفت ذلك ، تعرف أن ما هو واقعي ماهوي ما ذا ؟ وما هو تكويني ما ذا ؟

والأول - غير قابل للجعل أصلا ، للزوم الخلف ، لفرض عدم المجعول بالذات ، ليكون له مجعول بالعرض.

والثاني - مجعول تكويني أجنبي عما نحن فيه ، والكلام في الجعل القائم بالشارع.

فنقول : كما أن الطهارة شرط في حد ذاتها للصلاة ، إما بمعنى دخلها في فاعلية الصلاة

۴۳۰۱