ومنها - إنه لا فرق فيما ذكرنا - من كفاية اتحاد المتيقن والمشكوك ، دون لزوم بقاء الموضوع - بين ما إذا كان المستصحب هو الوجود المحمولي أو الوجود الرابط ، سواء كان الشك في الثاني مسببا عن الشك في وجود المثبت له ، كالشك في ثبوت القيام لزيد المسبب عن الشك في وجود زيد ، أو لم يكن الشك فيه مسببا عنه ، بل عن غيره.
وعن بعض أجلة العصر - في مقام الايراد على إطلاق كلام شيخنا الاستاذ (١) - قدس سره - الفرق بين الصورتين بعدم جريان الاستصحاب في الأولى وجريانه في الثانية (٢) .
وملخصه : إن مفاد موضوع الحكم في الوجود الرابط ثبوت القيام لزيد في فرض وجوده خارجا ، فان كان ثبوت القيام له - مع إحراز وجود زيد خارجا - مشكوكا ، فيجرى فيه استصحاب ثبوته له المتيقن سابقا. وإن كان ثبوته - ونفس وجود زيد خارجا - مشكوكا بشكين مستقلين ، من دون إستناد الأول إلى الثاني ، فاللازم إجراء الاستصحاب فيهما ، أما وجود زيد لفرض اليقين به سابقا والشك فيه لاحقا ، وأما ثبوت القيام له على فرض وجوده ، فانه على الفرض شاك في ثبوت القيام له في فرض وجوده.
بخلاف ما إذا كان الشك في ثبوت القيام له مستندا الى الشك في وجوده ، فانه لا شك له في ثبوت القيام لزيد في فرض وجوده ، حتى يستصحب ، بل قاطع بقيامه في فرض وجوده.
ولا يجدي استصحاب وجوده لاثبات التعبد بقيامه ، لأن ثبوت القيام له في فرض وجوده من لوازمه العادية لا الشرعية.
وبالجملة ما هو موضوع الأثر غير مشكوك ، وما هو مشكوك لا يترتب عليه موضوع الأثر شرعا.
والجواب : إن موضوع الحكم إذا فرض مركبا من وجود محمولي ووجود رابط ، وهو وجود زيد وثبوت القيام له ، فالأمر كما مرّ ، حيث أن استصحاب وجوده المحمولي لا يغني عن وجوده الرابط ، وبالعكس ، إلا أن هذا المعنى لا دخل له بمقابلة الوجود الرابط للوجود المحمولي ، بل هذا من أجل تركب الموضوع وبساطته.
وفرض موضوعية الوجود الرابط ليس إلا فرض موضوعية ثبوت القيام لزيد ، وهذا
__________________
(١) في تعليقته المباركة لى الرسائل : ٢٢٩.
(٢) راجع درر الاصول ج ٢٠٧ : ٢.