هذا الوجود عين الافتراق ، وما لم يتخلل العدم - البديل له - يكون واحدا بالوحدة الاتصالية.

(٧١) قوله قدس سره : إنما هو في الحركة القطعية ، وهي كون الشيء... الخ (١)

لا يخفى عليك أن نسبة الحركة القطعية إلى الأكوان المتعاقبة الموافية للحدود - الواقعة بين المبدأ والمنتهى - نسبة الكل الى أجزائه ؛ لأنها الصورة الممتدة المرتسمة في الخيال ، ومنشأ انتزاعها تلك الأكوان المتصلة بالاتصال التعاقبي ، فأجزاؤها مجتمعة في الخيال ومتفرقة في الخارج.

ونسبة الحركة التوسطية إلى تلك الاكوان نسبة الكلي إلى جزئياته ؛ لأن كل كون - من تلك الاكوان الموافية للحدود - واقع بين المبدأ والمنتهى.

وحيث أن نفس الحركة القطعية باعتبار منشأيتها متقومة بتلك الأكوان المتصرمة شيئا فشيئا ، فهي بذاتها تدريجية ، والتغير ذاتي لها ، فيجري فيها إشكال البقاء.

وحيث أنه لم يعتبر في الحركة التوسطية إلا الكون بين المبدأ والمنتهى ، دون موافاته للحدود ، فلا تغير في نفس ذاتها ، بل الموافاة للحدود تعينات فردية لأفرادها ومطابقاتها.

وحيث أن الكون بين المبدأ والمنتهى لا تعين ماهوي له ، إلا الوقوع بين المبدأ والمنتهى ، فما دام لم يخرج عن الوسط يكون الكون بين المبدأ والمنتهى باقيا ، فالحركة القطعية غير قارة ، ومتغيرة بذاتها ، والحركة التوسطية قارة مستمرة غير متغيرة.

ثم إن التعريف المذكور في المتن للحركة القطعية - وهو كون الشيء في كل آن في حد ومكان - هو تعريف لمطلق الحركة عند المشهور - ففي القطعية بلحاظ أجزائها ، وفي التوسطية بلحاظ أفرادها - فتلك أجزاؤها تعاقبية تدريجية ، وهذه أفرادها وجزئياتها تعاقبية تدريجية ، وهذه الأفراد - المتعاقبة على نهج الاتصال - هي الراسمة لصورة ممتدة مجتمعة الأجزاء في الخيال ، وتسمى بالحركة القطعية.

ولذا قيل بأن الحركة القطعية لا وجود لها في الخارج إلا بوجود منشأ انتزاعها. كما أن هذه الأكوان التي هي أجزاء لها ، إنما هي بلحاظ انقسام كل متصل - قار أو غير قار - إلى أجزاء لا تتناهى ، وإلا فالحركة - بما هي حركة - لا تقع في الآن الذي هو طرف الزمان ونهايته.

والحركة قابلة للقسمة ، والآن كالنقطة غير قابلة للقسمة ، فيلزم تطبيق ما يتجزّئ على

__________________

(١) الكفاية ٣١٥ : ٢.

۴۳۰۱