ومن البيّن أن العصير في حالة العنبية ، إذا قدر غليانه بأن قدر العصير المغلي في حالة العنبية كان له الحرمة قطعا ، إذ ليس موضوعها إلا العصير المغلي المقدر وجوده لا المحقق وجوده ، حتى يقال : لم يكن في حالة العنبية عصير مغلي محقق.
وإذا كان العصير المغلي المقدر وجوده في حالة العنبية حراما ، وشك في بقاء هذا الحكم - المرتب على المقدر وجوده بعد تبدل حالة العنبية إلى حالة الزبيبية - صح استصحاب تلك الحرمة المرتبة على موضوعها المتقوم بتقدير وجوده وفرض ثبوته.
فالمستصحب هي الحرمة المرتبة شرعا على الموضوع المقدر ، لا الحرمة الفعلية المنوطة عقلا بفعلية موضوعها ، ليتوهم عدمها ، أو أنّ فرض فعليتها بفعلية جزء موضوعها - بعد فعلية جزئه الآخر - أمر عقلي ، بل الحكم المستصحب حكم مجعول على موضوع مقدر واقعا ، فليتعبد ببقائه في موضوعه المقدر بعد فرض تبدل الموضوع المقدر من حال إلى حال.
فتدبره فانه حقيق به.
وأما ما عن الشيخ الأعظم (قدس سره) في الرسائل (١) : من أستصحاب الملازمة بين غليان العصير ، وحرمته ، أو سببية غليانه للحرمة ، وأن الملازمة والسببية فعلية ، وأن اللازم وجوده على تقدير وجود الملزوم فعلي في قبال عدمه.
فمخدوش : بأن الملازمة والسببية عنده (قده) غير قابلة للجعل الاستقلالي ، وأنه لا يرى للجعل التبعي موقعا ، فانه عين الانتزاعية من تعليق الحكم على شيء.
مع أنك قد عرفت أن المجعول التبعي - الذي هو في الحقيقة مجعول بالعرض في قبال المجعول بالذات ، لا المجعول بالتبع في قبال المجعول بالأصالة - لا دخل له بالمجعول التشريعي ، بل هو من اللوازم التكوينية للمجعول التشريعي ، هذا إذا أريد التعبد بنفس الملازمة والسببية.
وإذا أريد التعبد باللازم ، وهو المجعول التشريعي ، فهو أولا مترتب على الملزوم ، دون الملازمة ، وعلى فرضه ، فهو عقلي لا شرعي.
هذا كله مع أن الملازمة المجعولة ملازمة كلية إنشائية نظير الانشاء المطلق والمشروط ، وفعلية الملازمة - حتى يدخل في الحكم الفعلي - بفعلية الغليان ، فيعود المحذور.
(٨١) قوله قدس سره : إن قلت نعم ، ولكنه لا مجال لاستصحاب المعلق لمعارضته... الخ (٢) .
__________________
(١) الرسائل : التنبيه الرابع : ص ٣٨٠.
(٢) الكفاية ٣٢٢ : ٢.