شدة الارادة وخروجها من حد الضعف الى الشدة ، لاستحالة تعلق ، إرادتين بمراد واحد ، فلا فرق بين شدة الملاك وزيادته من حيث التأثير في شدة الطلب وقوة الإرادة.

وأما الثاني ، فلأن البعث والتحريك أمر اعتباري ، ينتزع عند العقلاء عن الانشاء بداعي جعل الداعي ، ولا حركة ولا اشتداد في كل المقولات ، بل في بعضها فضلا عن الاعتباريات ، فشدة الملاك - كزيادته - لا يوجب خروج البعث عن حد الضعف إلى حد الشدة ، كما أن تعلق بعثين فعليين بمتعلق واحد - في الاستحالة - كتعلق إرادتين بموضوع واحد ، فمرجع احتمال شدة الملاك ، أو زيادته إلى صيرورة الحكم التعييني بذاته تعيينيا بالفعل.

ومثله ، وإن لم تجر فيه أدلة البراءة الشرعية ، حيث لا وضع حتى يكون له رفع ، للقطع بثبوت الحكمين التعيينيين بذاتهما شرعا ، إلاّ أنه تجري فيه البراءة العقلية ، للشك في ترتب العقاب على ترك محتمل الأهمية بالخصوص ، وبعد حكم العقل بقبح العقاب عليه بلا بيان ، يبقى المحتمل على حاله من المساواة مع غيره ، فيبقى التخيير العقلي على حاله.

لا يقال : احتمال مانعية أحدهما عن الآخر بالخصوص - دون العكس - يوجب القطع بتعين محتمل الأهمية ، لتساويهما في جميع الاحتمالات المتمانعة ، إلاّ هذا الاحتمال المختص بأحدهما بعينه.

لأنا نقول : احتمال مانعية أحدهما - بالخصوص - يسقط الآخر عن القطع بالمانعية ، لكنه لا يثبت مانعية أحدهما بالخصوص ، لأحتمال عدم الأهمية ، فيدور الأمر بين ما يقطع بثبوت مقتضيه ، مع القطع بثبوت مانعه ، وما يقطع بثبوت مقتضيه ، مع احتمال مانعه ، فلا قطع بالمقتضي ، فلا قطع بالحكم الفعلي في أحدهما بالخصوص.

[١٦] قوله قدس سره : اذ لا دليل عليه فيما لا يساعد عليه العرف... الخ (١)

توضيح المقام : إنك قد عرفت سابقا (٢) : أن التعارض المبحوث عنه هنا ، إما التنافي في الدليلية والحجية ، وجميع موارد الجمع العرفي المقبول ، خارج عن مورد البحث ، سواء كان من قبيل النص والظاهر بقول مطلق ، أو الأظهر والظاهر بقول مطلق ، أو الاضافي من كل منهما ، لما مرّ من عدم المقتضي في مقام الاثبات إلاّ للظاهر الذي ليس في قباله نص أو أظهر مطلقا ، سواء كان النص ، أو الأظهر حقيقيا ، أو إضافيا.

__________________

(١) الكفاية ٣٨٨ : ٢.

(٢) التعليقة ٨.

۴۳۰۱