والاقتران - تارة - في الوجود بلحاظ متن الواقع ، كما في المثال ، فان الغرض أن الضرب في اليوم ، مع الاكرام في الامس مما ينبغى أن لا يقعا معا في دار الوجود ، بلحاظ متن الواقع ومطلق الوجود.
وأخرى بلحاظ امتداد أحدهما إلى حال وجود الآخر ، كما يقال ( قعد زيد ، وقد كان قائما منذ يوم ) فان الغرض ليس هو اقتران القيام بالقعود ، بل اقتران امتداده بالقعود.
وأما ما ذكروه في مقام تصحيح الاقتران في مثل قوله تعالى : ﴿ ادْخُلُوهٰا خٰالِدِينَ ﴾ (١) - من أن الحال مقدرة لا محققة ، والمراد دخولهم في حال تقدير الخلود لهم ، لا في حال الخلود - فمردود بأن الخلود لا يكون للدخول بمعنى حدوث الكون في الجنة.
وأما أصل الكون ، فيوصف بالدوام والاستمرار ، فالمعنى : كونوا فيها دائمين مستمرين ، لا أن المعنى : ادخلوها مقدّرا لكم الخلود.
كما أن الحال المحكية - التي زادها على ( المقارنة ) و( المقدرة ) بعض النحويين (٢) ممثلا لها بقولهم : ( جاء زيد بالأمس راكبا ) - ساقطة جدّا ؛ لمقارنة الركوب مع المجيء في الزمان الماضي وفي مثل ( جاء زيد اليوم وهو راكب بالأمس ) حيث كان زمان الحال ماضيا لزمان العامل ، فلا يراد منه مقارنة المجيء مع الحكاية عن ركوبه ، لأنه خلاف الظاهر جدّا ، بل الغرض مجرد الاقتران في مطلق الوجود.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أن النوم حيث أنه له مراتب ، وهو ( نوم العين ) و( نوم القلب والأذن ) فمرتبة الاولى تجامع كونه على طهارة ، كما يمكن أن يكون الاشراف على النوم مصححا لاسناده إليه في حال الطهارة ، لا أن النوم قد استعمل في الاشراف عليه ، إلا أن كليهما خلاف الظاهر ، إذ ظاهر السؤال عدم علم السائل بأن هذه المرتبة غير ناقضة للوضوء ، حتى تكون الحالية بلحاظ اجتماع هذه المرتبة من النوم مع الطهارة ، فليس ذلك مناطا لاسناد النوم مقترنا بكونه على وضوء في نظر السائل.
كما أن قوله ( ينام وهو على وضوء ) لأجل السؤال عن ناقضية النوم ، لا ناقضية الاشراف عليه ، والروايات الدالة - على استحباب النوم على الطهارة - إنما تدل على استحباب حقيقة النوم على الطهارة لا الاشراف عليه.
والتحقيق : إن المقارنة الزمانية غير مقومة للحالية ، وإنما يعلم الاجتماع - بحسب
__________________
(١) الزمر : ٧٣.
(٢) كما عن ابن هشام في الباب الرابع من مغني اللبيب.