والملكات - وجوده الواقعي عين وجوده العلمي ، وما يقوم ببدنه - من قيامه وقعوده وصلاته ووضوئه - يوجب صدوره عن شعور وجود اليقين به في نفسه ، فهو على يقين من وضوئه حيث أنه توضأ ، لا بسبب آخر.
(١٩) قوله قدس سره : حسن اسناد النقض وهو ضد الابرام... الخ (١)
هكذا ذكرة جملة من الأعلام (٢) والظاهر أن النقض نقيض الابرام ، وتقابلهما ليس بنحو التضاد ، ولا بنحو السلب والايجاب ، بل بنحو العدم والملكة ، فهو عدم الابرام عما من شأنه أن يكون مبرما.
فما ليس من شأنه الابرام لا منقوض ولا مبرم ، مع أن الشيء لا يخرج عن طرفي السلب والايجاب ، فيعلم منه أن تقابلهما ليس بنحو السلب والايجاب.
كما أنه ليس هناك صفتان ثبوتيتان تتعاقبان على موضوع واحد ، ليكون التقابل بينهما بنحو التضاد.
بل الابرام هيئة خاصة في الحبل أو الغزل - مثلا - كما سيجيء إن شاء الله تعالى بيانها ، وليس النقض إلا زوال تلك الهيئة.
وتوهم : إن نقض الغزل بمعنى فتوره ، وهو هيئة ثبوتية. مدفوع بأن الفتور بمعنى يساوق الضعف - المقابل للقوة تقريبا - والقوة والاتقان والاحكام لازم الابرام ، كما أن الفتور لازم زوال الابرام - أحيانا - لا أنه عينه ، وليس نقض الغزل إلا عوده على ما كان من عدم الابرام.
ثم إن النقض ، وإن كان عدم الابرام في ما كان من شأنه الابرام ، لكنه عدم خاص ، يساوق الرفع ، فهو عدم ما كان مبرما بالفعل ، فالحبل ، أو الغزل في نفسه لا مبرم ولا منقوض.
وحيث عرفت أن النقض ليس ضد الابرام ، تعرف أنه لا يشترط فيه بقاء المادة أي الموضوع - حيث أنه لابد في الضدين من موضوع واحد يتعاقبان عليه.
وأما في العدم والملكة ، فلا يشترط بقاء الموضوع ، بل إذا كانت الصفة الوجودية عرضية منتزعة من خارج مقام الذات - ككون الحبل مبرما - فبقاء الموضوع شرط.
وإن كانت ذاتية للموضوع ، ومنتزعة عن مقام ذاته ، فلا محالة يكون زوالها بزوال
__________________
(١) الكفاية ٢٨٥ : ٢.
(٢) كالمحقق الآشتياني « قده » ، في بحر الفوائد : ج ٣ : ص ٤٣ ، والمحقق الشيخ هادي الطهراني « قده » في محجة العلماء : ص ٢٢٨ ، والمحقق الحائري « قده » في درر الأصول : ج ٢ : ص ١٦١.