الوجوب الموقت.
فهو مدفوع : بأن العدم الذي يستحيل عروضه على الوجود ما هو بديله ؟ وأما عدم المقدر وجوده موقتا ، فليس بديلا إلا للوجود الفعلي ، لا للوجود التقديري ، فكما يلاحظ وجود الوجوب الموقت ، ولو لم يكن موجودا ، كذلك يمكن فرض الموقت بالحمل الشايع ، فيقال :
إن هذا المفروض الوجود لم يكن حقيقة ، ولم يخرج من حد الفرض والتقدير ، والآن كما كان ، فالمحذور الحقيقي ما قدمناه ، فتدبر.
(٧٦) قوله قدس سره : الزمان لا محالة يكون من قيود الموضوع... الخ (١)
نظرا إلى أنه لو لم يكن للزمان الخاص دخل - في مصلحة الواجب - لما صح أخذه في مورد التكليف ، فالظرفية المحضة مساوقة للّغوية.
والتحقيق : إن الأمر كذلك من حيث الارادة النفسانية ؛ حيث أن الارادة تنبعث عن مصلحة المراد ، وليست هي من الأفعال ذوات المصالح والمفاسد ، فامّا أن يكون للوقت الخاص دخل في المصلحة ، فلا محالة تتعلق الارادة بالموقت ، وإمّا أن لا يكون له دخل فيها ، فلا تتعلق إلا بذات الفعل.
وأما من حيث البعث المتعلق بالفعل - وهو الانشاء بداعي جعل الداعي - فيمكن فرض الظرفية المحضة ، التي لا دخل لها في مصلحة الفعل ، فان البعث في ذاته من الأفعال ذوات المصالح والمفاسد ، فيمكن فرض تمامية الفعل من حيث مصلحة نفسه ، ولو - لا في الوقت الخاص - مع عدم تمامية مصلحة البعث ، أو فرض مزاحمتها بمفسدة في غير الوقت الخاص. بل يمكن تسريته إلى الارادة أيضا.
بتقريب : إن المشتاق إليه ، وإن كان ذات الفعل ، لكنه ما لم يبلغ الشوق حدّا ينبعث منه البعث نحو الفعل ، لا يكون الشوق مصداقا للارادة التشريعية المحاذية للارادة التكوينية ، فكما أن المفسدة تمنع عن البعث الفعلي ، كذلك عن بلوغ الشوق حدّ الارادة التشريعية التي هي علة تامة للبعث. فتدبره فانه حقيق به.
وأما كون الزمان على الظرفية قيدا للواجب - بما هو واجب - ولموضوع الحكم الفعلي - بما هو - فلا يمنع عن استصحاب الحكم ، لأن الموضوع الذي هو معروض الحكم ويجب بقاؤه - ولو بالدقة - ذات الواجب ، وذات ما هو موضوع ، لاستحالة صيرورة
__________________
(١) الكفاية ٣١٧ : ٢.