الماء - فما هو مدلول مطابقي لدليل النجاسة معارض ومناف لما هو مدلول التزامي لدليل طهارة الماء - مع انحفاظ موضوعه لبّا وعنوانا - فلا بد من نفي موضوعه عنوانا في مرحلة الحكومة ، ومجرد التعبد بالطهارة غير واف بذلك.

وأخرى بتقريب : إن عنوان إبقاء اليقين وعدم نقضه ينفي الشك عن طهارة الماء والثوب المغسول به عنوانا ، بخلاف إبقاء اليقين في طرف النجاسة ، فانه لا يوجب رفع الشك عن نجاسة الماء عنوانا ، بل رفع الشك عن نجاسة الثوب فقط.

وفيه : إن بقاء اليقين عنوانا - ليلزمه رفع الشك عنوانا - ليس إلا في مورد اليقين بثبوته حقيقة ، فما لا يقين بثبوته حقيقة لا بقاء له عنوانا ، وحيث لا يقين باللازم ثبوتا فلا بقاء له عنوانا.

مضافا إلى أن حكومة الأصل السببي غير مختصة بالاستصحاب المعنون بعنوان إبقاء اليقين وعدم نقضه ، بل قاعدة الطهارة حاكمة - عندهم - على قاعدتها بل استصحابها في المسبب ، مع وضوح عدم عنوان مقتض لنفي الشك فيها.

هذا ولشيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) في آخر الوجه الثاني من وجوه التقديم (١) تقريب : محصله هو إن الشك المسببي من لوازم وجود الشك السببي ، لفرض المسببية عنه ، والحكم من لوازم وجود الشك السببي ، لما تقرر أن الحكم باقتضاء موضوعه.

فالحكم والشك المسببي لا زمان لملزوم واحد في مرتبة واحدة. والحكم - الذي هو في مرتبة الشك المسببي - لا يعقل أن يكون حكما له أيضا ؛ للزوم تقدم الموضوع على حكمه ، وتأخر الحكم عن موضوعه.

وفيه مواقع للنظر :

منها - إن ملاك السببية والمسببية المفروضتين في المقام كون أحد المستصحبين من آثار الآخر شرعا ، لا تفرع شك على شك ، وترشح شك عن شك. بل إذا كان بين أمرين تلازم واقعي بالعلية والمعلولية أو بالمعلولية لثالث ، فهما متلازمان - قطعا وظنا وشكا - عند الالتفات إلى التلازم ، فالقطع بأحدهما - علة كان أو معلولا - ملازم للقطع بالآخر ، لا علة له ، كيف ومن البديهي أنه ربما ينتقل من المعلول إلى علته ، أو من أحد المعلولين إلى الآخر - كما في المتضايفين - ولا يعقل أن يكون شيء واحد صالحا للعلية لشيء وللمعلولية له ، فلا وجه حينئذ لدعوى أن الشك المسببي من لوازم وجود الشك

__________________

(١) الرسائل : ٤٢٦.

۴۳۰۱