لابد من جعله ، فيرد محذور وجود الجامع بنفسه في الخارج.
ومن المعلوم ان التعبد بمؤدى الخبر او بالمتيقن سابقا لابد من ان يكون بمقدار الخبر عنه واليقين به ، فلا يعقل جعل الفرد على طبق الجامع المخبر به او المتيقن ، وكونه واقعا فردا غير كون المخبر به فردا اخبر به او المتيقن فرد تيقن به.
والتحقيق : إن الارادة المطلقة الغير المتخصصة بخصوصية الشدة - المساوقة للحتمية - ، والغير المتخصصة بخصوصية الضعف - المساوقة للندبية - غير معقولة ، وكذا المصلحة الغير المتخصصة بخصوصية كونها ملزمة ، والغير المتخصصة بخصوصية كونها غير ملزمة أيضا غير معقولة ، إلا أن جعل الداعي تمام حقيقته هو الانشاء بداعي جعل الداعي ، وانبعاثه عن الارادة غير داخل في حقيقته حتى يختلف حقيقته بسبب تفصله تارة بفصل الحتمية ، وأخرى بفصل الندبية ، وهل التحريك الاعتباري إلا كالتحريك الخارجي.
فان تفاوت علة التحريك الخارجي بالحتمية والندبية لا يوجب تفاوتا في حقيقته ، وإن أطلق على أحد الفردين من التحريك الاعتباري عنوان الايجاب ، وعلى الآخر عنوان الاستحباب.
نعم فرق بين الانشاء بداعي جعل الداعي واقعا ، والانشاء بداعي جعل الداعي ظاهرا ، وهو ان الانشاآت الواقعية حيث أنها منبعثة عن إرادات واقعية منبعثة عن مصالح واقعية ، ومباديها أمور خاصة ،
فلا محالة هي مما ينطبق عليه الايجاب أو الاستحباب ، بخلاف الانشاآت الظاهرية ، فانها أحكام مماثلة لما اخبر به العادل ، أو لما أيقن به سابقا ، فلا محالة تكون على مقدار المخبر به أو المتيقن.
فاذا لم يخبر إلا عن أصل المطلوبية ، أو إذا لم يتيقن الا بمجرد المطلوبية ، فكيف يعقل أن يكون الحكم المماثل مصداقا للايجاب أو للاستحباب ، بل متمحّض في جعل الداعي فقط. فتدبر جيدا.
(٦٧) قوله قدس سره : وان كان الشك فيه من جهة تردد الخاص... الخ (١)
ينبغي التكلم أولا في صحة استصحاب الفرد المردد ، كما عن بعض الأجلة في حاشيته (٢) على كتاب البيع للشيخ الأعظم (قده) قائلا : بأن تردده بحسب علمنا لا يضر
__________________
(١) الكفاية ٣١١ : ٢.
(٢) هو السيد الطباطبائي اليزدي « قده » ، في البحث عن لزوم المعاطاة وعدمه : ص ٧٣.