أحدهما معينا أو مخيرا ، سواء قلنا بالجمع أو بعدمه ، فترك التعبد بظاهر ما لم يحرز التعبد به - وهو ما عدا المتيقن - ليس مخالفا لأصالة الظهور ، فلا يلزم إلاّ طرح أصالة الظهور في ذلك المتيقن ، ونتيجته دوران الأمر بين ترك التعبد بصدور ما عدا المتيقن ، أو ترك التعبد بظهور المتيقن في الجمع ، والطرح على حد سواء في مخالفة أصالة الصدور أو اصالة الظهور. هذا.
وتوضيح المقام : إن الجمع تارة في قبال التساقط - الذي هو مقتضى الأصل الأولى في المتعارضيين - ، فيكون المدعى : إن الجمع أولى من طرح السندين ؛ إذ المانع عن التعبد بصدورهما تنافيهما بحسب الظهور البدوي ، فيمتنع جعل حكمين متنافيين ، ومع رفع اليد عن ظهور أحدهما ، أو كليهما يكون التعبد بصدورهما تعبدا بالمتلائمين لا بالمتنافيين.
وحينئذ ، فيجاب بأنه ما المرجح للتعبد بالصدور دون التعبد بالظهور ، وحيث لا يمكن التعبد بالظهور ، فلا يمكن التعبد بالصدور.
وأخرى في قبال الترجيح والتخيير - الذي هو مقتضى الأصل الثانوي - فيكون المدعى أن الجمع أولى من الترجيح - الذي لازمه طرح لمرجوح - ، ومن التخيير - الذي لازمه طرح أحد الخبرين -.
وهذا المعنى لا يتوقف على ملاحظة الأخبار العلاجية ، فان مقتضى الاخبار العلاجية تعين الأخذ بالراجح ، أو التخيير ، لا أن أحدهما المعين أو المخير قدر متيقن ، كما هو صريح صدر كلام الشيخ (قدس سره) ، بل المتيقن نتيجة الاجماع على عدم سقوط المتعارضين الذي اقتضاه الأصل الأولى.
فما يوهمه كلام شيخنا الاستاذ (قدس سره) - في تعليقته الأنيقة (١) على الرسائل في مورد الايراد على ما أفاده الشيخ (قدس سره) - من أنه مبني على ملاحظة الأخبار العلاجية ، مردود بما عرفت ، بل مبني على مجرد عدم سقوط المتعارضين عن الحجية في الجملة.
وعليه ، فملاحظة قاعدة الجمع - بالاضافة إلى مقتضى الأصل الأولى - يوجب أن يكون البحث عن الجمع - في قبال التساقط - علميا فقط ؛ لوضوح أن مقتضى الأصل الثانوي - المحقق بالاجماع - عدم سقوطهما عن الحجية.
مضافا إلى صراحة كلام الشيخ ابن أبي جمهور (ره) (٢) في بيان قاعدة الجمع : أنه أولى
__________________
(١) التعليقة على الرسائل : ص ٢٦٠ : ذيل قول الشيخ : ولا ريب أن التعبد بصدور أحدهما المعين...
(٢) عوالي اللئالي : ج ٤ : ص ١٣٦.