التأثير.
وبعد ما عرفت من ان الامر لا ينتهي الى حكمين فعليين - كما فصلناه في الوجه الثاني - تعرف عدم لزوم التصويب.
وسيجئ ان شاء الله تعالى ما ينافي بعض ما ذكرناه في كلام الشيخ الاعظم قدس سره. هذا ما ينبغي ان يقال في هذا المجال من حيث التصويب والاجزاء.
ولشيخنا العلامة الانصاري قدس سره في اول مبحث الظن من الرسائل (١) طور اخر من الكلام لا بأس بايراده في المقام.
فنقول قال قدس سره - في مسألة التعبد بالامارة على الموضوعية واشتمالها على مصلحة ما وراء مصلحة الواقع - : انه يتصور على وجوه :
احدها : ان الحكم مطلقا تابع لقيام الامارة بحيث لا يكون - مع قطع النظر عن قيامها - حكم في حق الجاهل ، فتكون الاحكام الواقعية مختصة بالعالمين بها.
وذكر ان هذا القسم تصويب باطل ، وتواترت الاخبار والاثار بوجود الحكم المشترك. ويندرج تحت هذا القسم ما تقدم من الوجهين الاولين ، فان المعروف استحالة الاول وبطلان الثاني بالاجماع والاخبار.
ثانيها : ان يكون الحكم الفعلي تابعا للامارة بمعنى ثبوت الحكم المشترك واقعا لو لا قيام الامارة على خلافه.
بتقريب ان مصلحة العمل بالامارة غالبة على مصلحة الواقع. فالحكم الواقعي فعلي في حق غير الظان بخلافه ، وشأني في حقه : بمعنى وجود المقتضى لذلك الحكم لو لا الظن بخلافه.
وقد نص هنا بعدم ثبوت الحكم الواقعي في حق الظان بخلافه ، بدعوى ان الصفة المزاحمة بصفة اخرى لا تصير منشأ الحكم ، وقد افاد سابقا ولا حقا بانه تصويب ، الا انه افاد ايضا بانه ليس مجمعا على بطلانه ، بل افاد في اواخر كلامه ان الحكم الواقعي الذي يجب الالتزام بوجوده هو الحكم المنزل المتعلق بالعباد الذي امر السفراء بتبليغه ، ويكفي في نحو ثبوته انه لا يعذر فيه اذا كان عالما به أو جاهلا مقصرا الى اخر ما افاده قدس سره
__________________
(١) الرسائل : ٢٧.