نعم إن قلنا : بأن الارادة - الحتمية - لا تمتاز عن الارادة الندبية بالمرتبة ، بل بانبعاث الأولى عن مصلحة لزومية ، وانبعاث الثانية عن مصلحة غير لزومية ، فالاستصحاب متعلق بالفرد ، لأن تعدد الملاك لا ينافي الوحدة والتفرد ، كما إذا شك في بقاء شخص الوجوب ببقاء ملاك آخر ملزم فتدبر.

[ التنبيه الرابع ]

(٧٠) قوله قدس سره : بين أن يكون من الامور القارة او التدريجية... الخ (١)

ليس منشأ الاشكال في بقاء الأمور التدريجية أن البقاء عبارة عن وجود ما كان موجودا - في الزمان السابق - في الزمان اللاحق ، كما يوهمه كلام بعضهم (٢) فان مرجع هذا الاشكال إلى أن الزمان حيث لا زمان له فليس له بقاء ، مع أن البقاء ينسب إلى الخارج عن أفق الزمان كالمجردات.

بل الاشكال من أجل تدريجية الزمان ، وما يشبهه من الحركات الكيفية والأينية ، بل الجوهرية ، فان الأمور الغير القارة - لعدم القرار للموجود منها ، بل بحيث يوجد فينعدم ، ثم يوجد فينعدم - لابقاء لها ، فاليقين متعلق بموجود زائل ، والشك بحدوث موجود آخر.

ومنه تبين أن دعوى عدم الحاجة إلى عنوان البقاء ، وأنه يكفي في الاستصحاب مجرد الشك في وجود ما قطع به سابقا غير مجدية ؛ لأن ما يضاف إليه الشك لابد أن يكون ما يضاف إليه اليقين. والوجود - الواقع طرفا لليقين والشك - لابد من كونه مضافا إلى شيء واحد ، مع أن ما أضيف إليه الوجود في السابق غير ما أضيف اليه الوجود لاحقا ، إلا بلحاظ المجموع واحدا عرفا ، كما عن الشيخ الأعظم (قده) في مقام دفع الاشكال. (٣) .

والجواب : إن ذات الأمر التدريجي متقومة بالأخذ والترك ، والخروج من القوة إلى الفعل - على نعت الاتصال - ووجود مثل هذا الأمر لا نقيض له ، إلا العدم البديل له ، لا العدم المتقوم به نفس ذاته.

فوجود مثل هذا الأمر لا يأبى عن العدم المتقوم به هذا الأمر الموجود بهذا النحو من الوجود ، وما يخل بهذا الوجود هو العدم البديل له ، الخارج - كالوجود - عن مقام ذاته.

وعليه فبقاء وجود مثل هذا الأمر - المتجدد في ذاته - بحدوثه شيئا فشيئا ، وجمعية

__________________

(١) الكفاية ٣١٤ : ٢.

(٢) كما عليه الشيخ الأعظم « قده » « الرسائل : التنبيه الثاني : ٣٧٤ » وتبعه المحقق الاشتياني « قده » : ١٠٥.

(٣) الرسائل : التنبيه الثاني : ٣٧٤.

۴۳۰۱